ومن هنا قد يلجأ إلى ما لا يأباه كلام صاحب المدارك ومن تبعه من أنّ العلم واجب نفسي والعقاب على تركه من حيث هو ، لا من حيث إفضائه إلى المعصية ، أعني : ترك الواجبات وفعل المحرّمات المجهولة تفصيلا.
وما دلّ بظاهره من الأدلّة المتقدّمة على كون وجوب تحصيل العلم من باب المقدّمة محمول على بيان الحكمة في وجوبه ، وأنّ الحكمة في إيجابه لنفسه صيرورة المكلّف قابلا للتكليف بالواجبات والمحرّمات حتى لا تفوته منفعة التكليف بها ولا تناله مضرّة إهماله
____________________________________
الموقتة ، كالحج والصوم ، والصلاة ، وهذا إنّما يتمّ بناء على الوجه الأوّل وهو توجّه التكليف إلى الغافل لا على الوجه الأخير ؛ وهو كون العقاب على ترك ذي المقدّمة من حين ترك المقدّمة من دون ترقّب حضور زمان المخالفة ، بل يلزم على الأخير عدم عقاب الغافل المقصّر رأسا لا حين الالتفات ولا حال الغفلة.
وأمّا عدم العقاب حين الالتفات ، فلأجل عدم كونه مكلّفا أصلا ، وذلك لعدم تحقّق الشرط.
وأمّا عدم العقاب بعد تحقّق الشرط ، فلأجل كونه غافلا لا يتوجّه إليه التكليف حتى يعاقب على مخالفته ، ومن المعلوم أنّ عدم العقاب مخالف لنفي الخلاف على عقاب الغافل المقصّر التارك للتكاليف الموقتة ، كما عرفت ، فلا بدّ من الالتزام بالوجه الأوّل دون الأخير.
(ومن هنا قد يلجأ إلى ما لا يأباه كلام صاحب المدارك ومن تبعه من أنّ العلم واجب نفسي) ، أي : من لزوم عدم العقاب على ترك التكاليف الموقتة حال الغفلة بناء على عدم توجّه الخطاب إلى الغافل (قد يلجأ إلى ما لا يأباه كلام صاحب المدارك ومن تبعه من أنّ العلم واجب نفسي) (والعقاب على تركه من حيث هو ، لا من حيث إفضائه إلى المعصية ، أعني : ترك الواجبات وفعل المحرّمات المجهولة تفصيلا).
وحينئذ (وما دلّ بظاهره من الأدلّة المتقدّمة على كون وجوب تحصيل العلم من باب المقدّمة محمول على بيان الحكمة في وجوبه) ، بمعنى أنّ الحكمة في إيجاب تحصيل العلم بالأحكام هو (صيرورة المكلّف قابلا للتكليف بالواجبات والمحرّمات حتى لا تفوته منفعة التكليف بها ولا تناله مضرّة إهماله عنها).