وقعت عن أحد الطريقين ـ أعني : الاجتهاد والتقليد ـ أم لا عنهما ، فاتفقت مطابقته للواقع ، لأنّها من قبيل الأسباب لامور شرعيّة. فالعلم والجهل لا مدخل له في تأثيرها وترتّب المسبّبات عليها ، فمن عقد على امرأة عقدا لا يعرف تأثيره في حلّيّة الوطء ، فانكشف بعد ذلك صحّته ، كفى في صحّته من حين وقوعه.
وكذا لو انكشف فساده رتّب عليه حكم الفاسد من حين الوقوع ، وكذا من ذبح ذبيحة بفري
____________________________________
(سواء وقعت عن أحد الطريقين ـ أعني : الاجتهاد والتقليد ـ أم لا عنهما) بأن وقعت عن جهل.
نعم إنّ المناط في معرفة الواقع هو العلم ، أو الظنّ المعتبر ، وكيف كان ، فالوجه ـ في كون صحّة المعاملات بمطابقتها للواقع وفسادها بمخالفتها له ـ هو أنّ المعاملات ممّا لا تصرّف للشارع فيه أصلا ولم يجعلها ، بل هي موضوع خارجي ، أو فعل إنشائي أو غير إنشائي للمكلّف تعلّق به الحكم الشرعي.
غاية الأمر اعتبر الشارع في ترتيب حكمه عليه شروطا ، فكلّ معاملة تكون واجدة للشرائط الشرعيّة يحكم بصحتها ، بمعنى ترتّب الآثار الشرعيّة عليها ، وكلّ معاملة لم تكن كذلك يحكم شرعا بفسادها ، بمعنى عدم ترتّب الآثار الشرعيّة عليها ، من غير فرق بين كون الفاعل في زمان إيجادها معتقدا بوجود الشرائط أو بعدمها ، أو شاكّا فيها.
وهذا معنى كونها من قبيل الأسباب للامور الشرعية ، كما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(لأنّها من قبيل الأسباب لامور شرعيّة) ، فإنّ ترتّب المسبّب على السبب كترتّب الإحراق على النار لا يتوقف على العلم بالسببية أصلا ، إذ الأسباب لا تنفك عن مسبّباتها وجودا وعدما.
فالحاصل أنّ المعاملة إن كانت مطابقة للواقع ، صحّت بأيّ وجه وقعت ومن أيّ شخص صدرت ، وإن لم تكن كذلك ، فسدت كذلك.
(فمن عقد على امرأة عقدا لا يعرف تأثيره في حلّيّة الوطء) كأن يكون بالفارسية مثلا (فانكشف بعد ذلك صحّته ، كفى في صحّته من حين وقوعه) لا من حين الكشف والتقليد حتى يلزم الفصل بين العقد وأثره ، كما زعم النراقي قدسسره.
(وكذا لو انكشف فساده رتّب عليه حكم الفاسد من حين الوقوع).