وأمّا العبادات : فملخّص الكلام فيها : أنّه إذا أوقع الجاهل عبادة عمل فيها بما تقتضيه البراءة ، كأن صلّى بدون السورة ، فإن كان حين العمل متزلزلا في صحّة عمله بانيا على الاقتصار عليه في الامتثال ، فلا إشكال في الفساد وإن انكشف الصحّة بعد ذلك ، بلا خلاف
____________________________________
نعم ، العالم بالفساد يمكنه الإنشاء ، لأنّه يقصد إنشاء المعاملة على وجه باطل ، وكذا الفضولي يمكنه قصد الإنشاء لعلمه بإذن الشارع ، وإذن المالك يكفي حصوله بعد العقد ، لأنّه مدفوع بأنّ المربوط إلى العاقد هو قصد إنشاء المدلول العرفي.
وأمّا الصحّة فلا ربط لها ، لإنشاء العاقد ، بل هو حكم شرعي يتفرّع عليه على تقدير استجماع الشرائط. انتهى.
(أمّا العبادات) : والكلام في هذه المسألة يقع ؛ تارة : في عبادة الجاهل الشاكّ في جزئيّة شيء أو شرطيّته للعبادة ، فعمل بما تقتضيه البراءة بأن صلّى ولم يأت بالجزء أو الشرط الذي شكّ في جزئيّته أو شرطيّته.
واخرى : في عبادة الجاهل الغافل عن وجوب ذلك الشيء بعنوان كونه جزء أو شرطا ، أو المعتقد بالعبادة من قول أبويه أو معلمه ، أو نحوهما.
ومحلّ الكلام في المقام هو الجاهل الشاكّ ، وقد أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(فإن كان حين العمل متزلزلا في صحّة عمله بانيا على الاقتصار عليه في الامتثال ، فلا إشكال في الفساد وإن انكشف الصحّة بعد ذلك) ، بمعنى أنّه علم بعد ذلك بأنّ المشكوك لم يكن جزء ، بل كان ما أتى به جامعا للأجزاء والشرائط ، إلّا أنّ الفساد يكون من جهة عدم تحقّق قصد القربة ، لأنّ الشاكّ لا يمكن أن يتقرّب بما لا يعلم أنّه موافق للمأمور به ، ومن المعلوم أنّ العبادة من دون قصد القربة باطلة.
نعم ، يبقى في المقام سؤال عن الفرق بين الجاهل العامل بالبراءة قبل الفحص ، وبين العامل بها بعد الفحص ، مع أنّ أصل البراءة بعد الفحص لا يوجب تعيين ماهيّة العبادة بحيث يزول معها الشكّ ، وذلك لبقاء الشكّ على حاله ، ومعه لا تتحقّق نيّة القربة كما عرفت ، فكيف يفرّق بينهما بصحّة عبادة الجاهل بعد الفحص وعدمها قبله؟!
وملخّص الفرق بينهما ، هو أنّ العامل بالبراءة بعد الفحص معذور ، وله أن يلغي احتمال الجزئيّة ولا يعتني به ، وبذلك يمكن أن يصدر منه قصد التقرّب بملاحظة الأمر الظاهري ،