الجاهل العامل قبل الفحص
ولنختم الكلام في الجاهل العامل قبل الفحص بامور :
الأوّل : هل العبرة في باب المؤاخذة والعدم بموافقة الواقع الذي يعتبر مطابقة العمل له ومخالفته ، وهو الواقع الأوّلي الثابت في كلّ واقعة عند المخطّئة؟ فإذا فرضنا العصير العنبي الذي تناوله الجاهل حراما في الواقع ، وفرض وجود خبر معتبر يعثر عليه بعد الفحص على الحلّيّة ، فيعاقب ، ولو عكس الأمر لم يعاقب.
____________________________________
(ولنختم الكلام في الجاهل العامل قبل الفحص بامور :)
(الأوّل) يبحث فيه عمّا هو مناط المؤاخذة وعدمها ، ومناط الصحّة والفساد في عبادات الجاهل ومعاملاته ، وذكر المصنّف قدسسره فيه أربعة وجوه :
الأوّل : أن يكون المناط هو الواقع الأوّلي لا الطريق الشرعي ، فكلّ ما يطابقه يحكم بصحّته وإن كان مخالفا للطريق المعتبر شرعا وكلّ ما لم يكن مطابقا له يحكم بفساده ولو كان موافقا للطريق الشرعي ، فإذا كان ما شربه الجاهل كالعصير العنبي حراما في الواقع يعاقب على شربه وإن كان هناك خبر معتبر على الحليّة وبالعكس.
والفرق بين الحكم بالصحّة أو الفساد بمطابقة الواقع وعدمها ، وبين العقاب والمؤاخذة بمطابقة الواقع ، هو أنّ مجرّد موافقة الواقع وعدمها لا ينفع في ترتّب الأثر وعدمه ، بل يحتاج إلى الانكشاف بالعلم أو الظنّ المعتبر الحاصل من الاجتهاد أو التقليد.
وهذا بخلاف مؤاخذة الجاهل وعقابه ، إذ يمكن أن يكون المناط فيها مجرّد موافقة الواقع الأوّلي من دون حاجة إلى الانكشاف ، ولهذا خصّ المصنّف قدسسره المناط المذكور بالمؤاخذة ، فيرجع الكلام حينئذ إلى بيان مناط المؤاخذة ، هل هو مجرّد موافقة الواقع الأوّلي؟ هذا هو الوجه الأوّل.
والثاني : أن يكون المناط هو الطريق الشرعي الذي عثر عليه بعد الفحص ، فيعاقب على مخالفة هذا الطريق وإن كان مخالفا للواقع.
والثالث : أن يكون المناط في المؤاخذة هو مخالفة أحدهما ، أي : الواقع أو الطريق ، وحينئذ إذا كان العصير العنبي الذي تناوله الجاهل حراما في الواقع وفرض وجود خبر