الواقعيّة ، ولو فرض هنا طريق ظاهري مثبت للتكليف لم يعثر عليه المكلّف ، لم يعاقب عليه ، لأنّ مؤدّى الطريق الظاهري غير مجعول من حيث هو هو في مقابل الواقع ، وإنّما هو مجعول بعنوان كونه طريقا إليه ، فإذا أخطأ لم يترتّب عليه شيء. ولذا لو أدّى عبادة بهذا الطريق فتبيّن مخالفتها للواقع ، لم يسقط الأمر ووجب إعادتها.
نعم ، إذا عثر عليه المكلّف لم يجز مخالفته ، لأنّ المفروض عدم العلم بمخالفته للواقع ، فيكون معصية ظاهريّة من حيث فرض كون دليله طريقا شرعيّا إلى الواقع ، فهو في الحقيقة نوع من التجرّي ، وهذا المعنى مفقود مع عدم الاطّلاع على هذا الطريق ، ووجوب رجوع
____________________________________
الواقعيّة ، ولو فرض هنا طريق ظاهري مثبت للتكليف لم يعثر عليه المكلّف ، لم يعاقب عليه ، لأنّ مؤدّى الطريق الظاهري غير مجعول من حيث هو هو في مقابل الواقع) ، لأنّ جعل مؤدّى الطريق في قبال الواقع تصويب باطل على تقدير كونه حكما واقعيا للجاهل.
وأمّا جعل المؤدّى حكما ظاهريا لأجل المصلحة السلوكيّة وإن كان ممكنا إلّا أنّه إنّما يتمّ على القول بحجيّة الأمارات من باب السببيّة.
وهذا مخالف لظاهر أدلّة الحجيّة ، لأنّ ظاهرها حجيّتها من باب مجرّد طريقيّتها إلى الواقع ، كما أشار إليه قدسسره بقوله :
(وإنّما هو مجعول بعنوان كونه طريقا إليه ، فإذا أخطأ لم يترتّب عليه شيء ، ولذا لو أدّى عبادة بهذا الطريق فتبيّن مخالفتها للواقع ، لم يسقط الأمر ووجب إعادتها) ، لأنّ المكلّف لم يأت بالواقع ، وما أتى به من مؤدّى الأمارة لا يكفي عن الواقع إلّا على القول بالإجزاء.
(نعم ، إذا عثر عليه المكلّف لم يجز مخالفته) ، أي : لم يجز مخالفة الطريق بعد العثور عليه ، إلّا أنّ حرمة مخالفة الطرق الشرعيّة تكون من باب التجرّي على تقدير العثور عليها ، ولذلك لا تكون مخالفتها محرّمة على تقدير عدم العثور عليها وإن كانت موجودة في الواقع ، كما أشار إليه قدسسره بقوله :
(وهذا المعنى مفقود مع عدم الاطّلاع على هذا الطريق).
نعم يتحقّق التجرّي مع عدم الاطّلاع على الطريق من جهة ترك الفحص والاحتياط والرجوع إلى البراءة ، مع أنّ العقل يحكم بوجوب الاحتياط في صورة عدم الفحص عن الدليل.