وإمّا بمعنى معذوريّته فيه ، بمعنى كون الجهل بهذه المسألة كالجهل بالموضوع يعذر صاحبه ويحكم عليه ظاهرا ، بخلاف الحكم الواقعي.
وهذا الجاهل وإن لم يتوجّه إليه خطاب مشتمل على حكم ظاهري ، كما في الجاهل بالموضوع ، إلّا أنّه مستغنى عنه باعتقاده لوجوب هذا الشيء عليه في الواقع.
____________________________________
وثانيها : ما أشار إليه قدسسره بقوله :
(وإمّا بمعنى معذوريّته فيه ، بمعنى كون الجهل بهذه المسألة كالجهل بالموضوع يعذر صاحبه ويحكم عليه ظاهرا ، بخلاف الحكم الواقعي).
وملخّص التقرير ، هو أنّ العلم شرط لتنجّز التكليف ، بأن يقال : إنّ القصر وإن كان واجبا شأنيا في حقّ الجاهل ، إلّا أنّه قد ارتفعت فعليّة التكليف عنه بالجهل ، ويكون هذا الجهل نظير الجهل بالموضوع حيث يحكم فيه بمقتضى الاصول على خلاف الحكم الواقعي ، فيكون الجاهل بهذه المسألة نظير الجاهل بالموضوع معذورا في مخالفة الواقع.
(وهذا الجاهل وإن لم يتوجّه إليه خطاب مشتمل على حكم ظاهري) ، لانتفاء موضوع الحكم الظاهري وهو الشكّ ، لكونه معتقدا بوجوب التمام أو أنّه غافل ، والغافل غير قابل للخطاب ، إلّا أنّ عدم إمكان جعل الحكم الظاهري في حقّه لا يقدح في المقام من حيث إنّ الحاجة إلى الحكم الظاهري إنّما هو لأجل التوصّل إلى قصد الامتثال.
وهذا الجاهل مستغن عنه من جهة اعتقاده بالوجوب ، والحكم بالمعذوريّة بهذا المعنى لا ينافي الحكم بعدم المعذوريّة من حيث العقاب من حيث تنجّز الخطاب في حقّه قبل عروض الغفلة.
وبعبارة اخرى : إنّ قول المصنّف قدسسره : (وهذا الجاهل وإن لم يتوجّه إليه خطاب مشتمل على حكم ظاهري) دفع لما قد يقال من أنّ قياس الجاهل في المقام بالجاهل بالموضوع في المعذوريّة قياس مع الفارق ؛ وذلك لأنّ الجاهل بالموضوع مخاطب بالخطاب الظاهري فلذا يكون معذورا.
وأمّا الجاهل في المقام فلا يمكن أن يكون مخاطبا بخطاب ظاهري ، فلذا يمكن أن يقال بعدم كونه معذورا. وقد تقدّم دفع هذا الإشكال سابقا ، وقلنا : إنّ عدم توجّه خطاب ظاهري إليه لا يقدح في كونه معذورا ، بل يجوز أن يكتفي الشارع في حكمه بمعذوريّة