وسلك هذا الطريق في مسألة الضد في تصحيح فعل غير الأهمّ من الواجبين المضيّقين ، إذا ترك المكلّف الامتثال بالأهمّ.
ويردّه : إنّا لا نعقل الترتّب في المقامين.
وإنّما يعقل ذلك فيما إذا حدث التكليف الثاني بعد تحقّق معصية الأوّل ، كمن عصى بترك الصلاة مع الطهارة المائيّة ، فكلّف لضيق الوقت بالترابيّة.
____________________________________
(وسلك هذا الطريق في مسألة الضد) في ردّ من قال : بأنّ الأمر بالمضيّق كأزل النجاسة عن المسجد ، يدلّ على النهي عن الضد الموسّع كالصلاة ، فتبطل حينئذ صلاة تارك الإزالة.
وحاصل ردّ كاشف الغطاء قدسسره على هذا القائل : إنّ حرمة الضد على تقدير دلالة الأمر بالشيء على النهي عنه مشروطة بعدم عزم المكلّف على عصيان الأمر بالمضيّق ، وأمّا معه فلا يكون الموسّع منهيّا عنه حتى يكون حراما باطلا ، بل يكون مأمورا به على نحو الترتّب ، فكأنّه قال الشارع : أزل النجاسة وإن عصيت فصلّ.
وهكذا قال في تصحيح فعل غير الأهمّ من الواجبين المضيّقين إذا ترك المكلّف الأهمّ من باب الترتّب ، ردّا لما قيل ببطلان فعل غير الأهمّ من أنّ العقل يحكم مستقلّا في تزاحم المضيّقين كصلاة العصر المضيّق مع صلاة الكسوف بتقديم الأهمّ فيحرم ضده ، فتبطل صلاة الكسوف مكان العصر ، كما في شرح الاستاذ الاستاذ الاعتمادي بتصرّف.
(ويردّه : إنّا لا نعقل الترتّب في المقامين) ، أي : مسألتي القصر والجهر ، ومسألتي الضد والتزاحم ؛ لأنّه إذا تعلّق الأمر بالثاني حين العزم على معصية الأوّل فالأمر بالأوّل باق حينئذ ، إذ بمجرّد العزم على المعصية لا ينقطع الأمر ، فيبقى محذور الأمر بالضدين على حاله. هذا مضافا إلى إيراد آخر مختصّ بما نحن فيه :
وهو أنّ الترتّب العزمي على فرض كفايته غير جار هنا ، ضرورة عدم قابليّة الغافل للخطاب ، فكيف يقال : أيّها الغافل المقصّر إذا عزمت العصيان بترك القصر فأتمم؟
(وإنّما يعقل ذلك) الترتّب (فيما إذا حدث التكليف الثاني) لا بمجرّد العزم على معصية الأوّل ، بل (بعد تحقّق معصية الأوّل ، كمن عصى بترك الصلاة مع الطهارة المائيّة ، فكلّف لضيق الوقت بالترابيّة) ، إذ لا يلزم حينئذ منه الأمر بالضدين في آن واحد ، فلذا وقع في الشرع بلا خلاف. هذا وقد اكتفينا بما أفاده الاستاذ الاعتمادي وقد أجاد فيما أفاده ، ومن