وأمّا الكلام في مقدار الفحص : فملخّصه أنّ حدّ الفحص هو اليأس عن وجدان الدليل في ما بأيدينا من الأدلّة.
____________________________________
وحاصل الكلام كما في شرح الاعتمادي : إنّه لا فرق في عدم وجوب الفحص عند الشكّ بين أن يكون الحجّ مثلا مشروطا بالاستطاعة الواقعيّة ، أو بالاستطاعة المعلومة ، غاية الأمر أنّه على الثاني ينتفي التكليف بمجرّد الشكّ في الاستطاعة ، وعلى الأوّل يحتاج إحراز عدمها إلى الأصل. هذا تمام الكلام في وجوب الفحص.
وأمّا الكلام في مقدار الفحص ، فقد أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(وأمّا الكلام في مقدار الفحص : فملخّصه : أنّ حدّ الفحص هو اليأس عن وجدان الدليل في ما بأيدينا من الأدلّة) هذا أحد الوجوه في مقدار الفحص.
وثانيها : هو وجوب الانتهاء في الفحص إلى أن يحصل العلم بعدم الدليل.
وثالثها : هو جواز الاكتفاء فيه بمطلق الظنّ بعدم الدليل ، فلا يجب الفحص إلى أن يحصل العلم ؛ لأنّ العلم بعدم الدليل في الواقع متعذّر ، والعلم بعدمه في الكتب التي يمكن الوصول إليها متعسّر وموجب لتعطيل أكثر الأحكام ، فلا بدّ من التنزّل حينئذ إلى اعتبار الظنّ.
أو يقال في وجه الاكتفاء بالظنّ بعدم الدليل في مقدار الفحص : إنّه إذا اكتفى في إثبات أصل الأحكام بالظنّ ، ففي الفحص عن أدلّتها بطريق أولى ، غاية الأمر إذا اختلفت مراتب الظنّ قوة وضعفا لا يجوز العدول من القوي إلى الضعيف عقلا ، كما في الأوثق.
وكيف كان ، فقد اختار المصنّف قدسسره الوجه الأوّل وهو الفحص حتى يحصل اليأس عن وجدان الدليل فيما بأيدينا من الأدلّة ، ولا يكفي فيه مجرّد الظنّ بعدم الدليل ، إذ بناء على انسداد باب العلم في الأحكام يكون الظنّ بعدم الدليل دليلا على نفي الحكم ، لا شرطا لإجراء البراءة.
وبناء على انفتاح باب العلم لا دليل على كفايته في إجراء البراءة ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي ، وقد تقدّم عدم اعتبار العلم بعدم الدليل ، فالحقّ عند المصنّف قدسسره هو اعتبار اليأس عن وجدان الدليل ، بل عن وجدان كلّ ما يصلح أن يكون دليلا حتى الظنّ المطلق على القول به.