وكيف كان ، فسقوط العمل بالأصل في المقام لأجل المعارض ، ولا اختصاص لهذا الشرط بأصل البراءة ، بل يجري في غيره من الاصول والأدلّة.
ولعلّ مقصود صاحب الوافية ذلك ، وقد عبّر هو رحمهالله عن هذا الشرط في باب الاستصحاب بعدم المعارض.
وأمّا أصالة عدم بلوغ الماء الملاقي للنجاسة كرّا ، فقد عرفت أنّه لا مانع من استلزام جريانها الحكم بنجاسة الملاقي ، فإنّه نظير أصالة البراءة من الدين المستلزم لوجوب الحجّ.
وقد فرّق بينهما المحقّق القمّي رحمهالله ، حيث اعترف «بأنّه لا مانع من إجراء البراءة في الدين
____________________________________
المخالفة الالتزاميّة (لزم العمل بهما) ، أي : بالأصلين (كما تقدّم أنّه أحد الوجهين فيما إذا دار الأمر بين الوجوب والتحريم) والوجه الآخر عدم جريانه أصلا ، ولزوم التخيير كما في شرح الاعتمادي.
(وكيف كان ، فسقوط العمل بالأصل في المقام) ، أي : فيما لم يراد به إثبات شيء آخر ، بل اريد منه مجرّد النفي (لأجل المعارض) لا لما ذكره الفاضل التوني قدسسره من أنّ اعتبار هذه الاصول إنّما هو لنفي الشيء لا لإثبات شيء آخر ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.
فالحاصل ، هو اعتبار انتفاء المعارض في العمل بأصل البراءة (ولا اختصاص لهذا الشرط) ، أي : انتفاء المعارض (بأصل البراءة ، بل يجري في غيره من الأصول والأدلّة ، ولعلّ مقصود صاحب الوافية) ، أي : الفاضل التوني قدسسره من الشرط المذكور هو انتفاء المعارض بقرينة أنّه قد عبّر في باب الاستصحاب بعدم المعارض.
وبالجملة ، إنّ ما يرد عليه :
أوّلا : هو عدم اختصاص هذا الشرط بأصل البراءة.
وثانيا : عدم جريانه في جميع الأمثلة المذكورة ، فإنّ أصل العدم في بعضها ـ كأصالة عدم وجوب أداء الدين في مثال الاستطاعة ـ أصل سببي يتقدّم على الأصل المسبّبي وهو عدم وجوب الحجّ ، كما عرفت.
(وأمّا أصالة عدم بلوغ الماء الملاقي للنجاسة كرّا ، فقد عرفت أنّه لا مانع من استلزام جريانها الحكم بنجاسة الملاقي ، فإنّه نظير أصالة البراءة من الدين المستلزم لوجوب الحجّ) ، إذ بالأصل يحرز موضوع الحكم فيترتّب عليه الحكم.