إلى طهارة الماء للشكّ في كون ملاقاته مؤثّرة في الانفعال ، فالشكّ في رافعيّتها للطهارة ، أو إلى النجاسة ، لأنّ الملاقاة مقتضية للنجاسة ، والكرّيّة مانعة عنها بمقتضى قوله عليهالسلام : (إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء) (١) ونحوه ، ممّا دلّ على سببيّة الكرّيّة ، لعدم الانفعال المستلزمة لكونها مانعة عنه ، والشكّ في المانع في حكم العلم بعدمه ، وجهان.
وأمّا أصالة عدم تقدّم الكرّيّة على الملاقاة ، فهو في نفسه ليس من الحوادث المسبوقة
____________________________________
بقاؤها) ، أي : بقاء الكرّيّة والحكم بالطهارة.
ثمّ أشار المصنّف قدسسره إلى ما لم يعلم فيه الحالة السابقة أو لم يكن مسبوقا بحال بقوله : (ولو لم يكن مسبوقا بحال) بأن أخذ من البحر مقدارا من الماء دفعة ولم يعلم مقداره ثمّ لاقى نجسا ، ففي الرجوع إلى طهارة الماء أو إلى النجاسة وجهان ، والوجه لكلّ واحد من الرجوع إلى الطهارة أو النجاسة مذكور في المتن تفصيلا.
وحاصل وجه الرجوع إلى طهارة الماء ، هو أنّ القلّة شرط لانفعال الماء بالملاقاة ، وحينئذ يكون الشكّ في كون الماء الموجود قليلا أو كثيرا موجبا للشكّ في كون الملاقاة رافعة للطهارة ، فيرجع ـ حينئذ ـ إلى قاعدة الطهارة أو استصحابها ، ويحكم بطهارة الماء.
وحاصل وجه الرجوع إلى النجاسة ، هو أنّ الكثرة والكرّيّة مانعة عن الانفعال ، كما يدلّ عليه قوله عليهالسلام : (إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجسه شيء) فالشكّ في الكثرة والكرّيّة شكّ في وجود المانع ، فيبنى على عدمه ، ويحكم بتأثير المقتضي للنجاسة وهي الملاقاة ، فيحكم بالنجاسة.
وبعبارة اخرى ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي حيث قال : فوجه الطهارة أنّ الملاقاة ليست علّة للتنجّس ، بل لا بدّ من العلم بعدم المانع ، ولا يكفي عدم العلم بالمانع ، وأصالة عدم المانع أصل مثبت لأنّه لا يثبت أنّ هذا الماء ليس بكر ، فيرجع إلى قاعدة الطهارة واستصحابها ، ووجه التنجّس أنّ الملاقاة مقتضية للنجاسة والمانع وهو الكرّيّة غير معلوم ، وعدم العلم بالمانع في قوّة العلم بعدم المانع بمقتضى طريقة العقلاء ، فيعمل على طبق المقتضي ويحكم بالنجاسة.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢ / ١. الفقيه ١ : ٨ / ١٢. التهذيب ١ : ٤٠ / ١٠٩. الاستبصار ١ : ٦ / ١. الوسائل ١ : ١٥٨ ، أبواب الماء المطلق ، ب ٩ ، ح ١.