وفيه : إنّ تقارن ورود النجاسة والكرّيّة موجب لانفعال الماء ، لأنّ الكرّيّة مانعة عن الانفعال بما يلاقيه بعد الكرّيّة على ما هو مقتضى قوله عليهالسلام : (إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء) ، فإنّ الضمير المنصوب راجع إلى الكرّ المفروض كرّيّته ، فإذا حصلت الكرّيّة حال الملاقاة كان المفروض الملاقاة غير كرّ ، فهو نظير ما إذا حصلت الكرّيّة بنفس الملاقاة فيما إذا تمّم الماء النجس كرّا بطاهر ، والحكم فيه النجاسة.
____________________________________
(وفيه) ، أي : يرد فيما ذكر من التفصيل والحكم بالطهارة في مجهولي التاريخ بعد إثبات التقارن بالأصل :
أوّلا : إنّ التقارن من الامور الحادثة المسبوقة بالعدم ، فيمكن استصحاب عدمه.
وثانيا : إنّ إثبات التقارن باستصحاب عدم تقدّم كلّ من الحادثين على الآخر لا يتمّ إلّا على القول بالاصول المثبتة ، وذلك لأنّ التقارن ليس من اللوازم الشرعيّة ، حتى لا يكون الاستصحاب المذكور مثبتا.
وثالثا : ما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(إنّ تقارن ورود النجاسة والكرّيّة موجب لانفعال الماء).
لأنّ علّة الحكم بعدم الانفعال إنّما هو الكرّيّة فلا بدّ من تحقّقها قبل الملاقاة حتى تكون مانعة عن الانفعال ، فالكرّيّة مانعة عنه بشرط أن تكون الملاقاة (بعد الكرّيّة على ما هو مقتضى قوله عليهالسلام : (إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجسه شيء) ، فإنّ الضمير المنصوب راجع إلى الكرّ المفروض كرّيّته) حيث فرض في عدم التنجّس أوّلا كون الماء كرّا.
وتوضيح الكلام في هذا المقام كما في شرح الاستاذ الاعتمادي ، هو أنّهم اختلفوا في أنّ التقارن أمر عدمي ، أعني : عدم تقدّم أحد الشيئين على الآخر ، أو وجودي في مقابل التقدّم والتأخّر ، وعلى التقديرين فهل هو ملحق بصورة تقدّم الكرّيّة أو تقدّم الملاقاة؟.
استدلّ للأوّل بأنّ ظاهر قوله عليهالسلام : (إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء) هو سببيّة وجود الكر لعدم التنجّس ، والسبب المقارن كالمتقدّم في المانعيّة ، فصورتي التقارن وتقدّم الكرّيّة داخلتان في منطوق قوله عليهالسلام : (إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجّسه شيء).
واستدلّ للثاني بأنّ ضمير(لم ينجّسه) يرجع إلى الماء المفروض كرّا ، حيث فرض أوّلا كون الماء كرّا حيث قال عليهالسلام : (الماء إذا بلغ قدر كرّ لم ينجّسه شيء) فالمانع هو سبق الكرّيّة ،