وأمّا معنى اللفظين ، فقال في الصحاح : «الضرّ خلاف النفع ، وقد ضرّه وضارّه بمعنى ، والاسم : الضّرر ـ ثمّ قال ـ والضّرار : المضارّة» (١).
وعن النهاية الأثيريّة : «في الحديث : (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) ، الضرّ ضدّ النفع ، ضرّه يضرّه ضرّا وضرارا ، وأضرّ به يضرّه إضرارا ، فمعنى قوله : لا ضرر : لا يضرّ الرجل أخاه بنقصه شيئا من حقّه ، والضرار فعال من الضرّ ، أي : لا يجازيه على إضراره بإدخال الضرر عليه ، والضّرر فعل الواحد ، والضرار فعل الاثنين ، والضرر ابتداء الفعل ، والضرار الجزاء عليه ، وقيل : الضّرر ما تضرّ به صاحبك وتنتفع أنت به ، والضرار أن تضرّه بغير أن تنفع ، وقيل : هما بمعنى ، والتكرار للتأكيد» (٢) ، انتهى.
وعن المصباح : «ضرّه يضرّه» ـ من باب قتل ـ : إذا فعل به مكروها وأضرّ به ، يتعدّى بنفسه ثلاثيّا وبالباء رباعيّا ، والاسم : الضّرر ، وقد يطلق على نقص في الأعيان ، وضارّه مضارّة وضرارا بمعنى ضرّه» (٣) ، انتهى.
____________________________________
وأمّا المقام الثاني ، فقد أشار المصنّف قدسسره إليه بقوله : (وأمّا معنى اللفظين) ، أي : ضرر وضرار(فقال في الصحاح : الضّر) بالفتح (خلاف النفع) ، لأنّ الضّر مصدر فيكون مقابله مصدر ـ أيضا ـ وهو النفع ، إلى أنّ قال : (وقد ضرّه وضارّه بمعنى) واحد(والاسم : الضرر) ، أي : اسم المصدر هو الضرر في مقابل اسم المصدر من النفع وهو المنفعة ، والفرق بين المصدر واسمه هو أنّ معنى المصدر هو نفس الفعل الصادر من الفاعل ، ومعنى اسم المصدر هو الحاصل من معنى المصدر كالوضوء من التوضؤ مثلا ، ثمّ إنّ مادة الضرر تستعمل متعدّية إذا كانت مجرّدة ، فيقال : ضرّه ويضرّه ، ومتعدّية بالباء إذا كانت من باب الأفعال فيقال حينئذ : أضرّ به ، كما أشار إليه قدسسره بقوله : (يتعدّى بنفسه ثلاثيا وبالباء رباعيّا).
والحاصل : إنّ معنى الضرر في مقابل المنفعة هو مطلق النقص سواء كان في المال ، كما إذا خسر التاجر في تجارته ، أو في العرض ، كما إذا حدث شيء أوجب هتكه ، أو في البدن بالكيفيّة كما إذا أكل شيئا فصار مريضا ، أو بالكميّة كما إذا قطع يده مثلا ، فيكون المراد
__________________
(١) الصحاح ٢ : ٧١٩ ، ٧٢٠ ـ ضرر.
(٢) النهاية ٣ : ٨١ ـ ضرر.
(٣) المصباح المنير : ٣٦٠ ـ ضرر.