ويحتمل أن يراد من النفي النهي عن إضرار النفس أو الغير ابتداء أو مجازاة ،
____________________________________
فلا بدّ ـ حينئذ ـ من بيان التنافي بين الصدر والذيل ؛ تارة : على تقدير كون الضرار بمعنى المجازاة ، واخرى : على تقدير كونه بمعنى المضارّة.
أمّا التنافي على التقدير الأوّل ، فملخّصه : إنّ براءة ذمّة الضارّ عن تدارك ما أضرّ به غيره ، منفيّة بالصدر والفقرة الاولى ، ولازمه وجوب الغرامة عليه ، ووجوب الغرامة بمعنى المجازاة منفي بالذيل والفقرة الثانية ، ولازمه عدم وجوب الغرامة على الضارّ ، بل حرمتها عليه ، هذا ملخّص بيان التعارض والتنافي بين الصدر والذيل على التقدير الأوّل.
وأمّا التنافي على التقدير الثاني ، وهو أن يكون الضرار بمعنى المضارّة ، فحاصله : إنّ شخصين إذا أضرّ كلّ منهما بالآخر ، ففعل البادئ منهما ضرر منفي بالفقرة الاولى ، ولازمه وجوب الغرامة على من بدأ بالضرر.
ثمّ إنّ الضرار ـ بمعنى إضرار الثاني على الأوّل الحاصل بفعل الثاني ـ منفيّ بالفقرة الثانية أيضا ، ولازم نفي الضرار بهذا المعنى هو حرمة أخذ الغرامة من الضارّ ، فيقع التنافي والتعارض بين الفقرتين ، وذلك لأنّ لازم نفي الضرر بالفقرة الاولى وجوب الغرامة على الضارّ ، ولازم نفي الضرار بالثانية هو حرمة أخذ الغرامة منه. هذا تمام الكلام في الإشكال الأوّل.
ويمكن الجواب عنه بأحد وجهين :
الأوّل : إنّ الإشكال مبنيّ على أن يكون الضرار بمعنى المجازاة أو المضارّة ، وليس الأمر كذلك بل الضرار والضرر بمعنى واحد ، وما ذكر من تغايرهما غير ثابت.
والثاني : إنّه لو ثبت التغاير المذكور ، لقلنا بتخصيص (لا ضرار) بأدلّة ضمان المتلفات ، فيرتفع ـ حينئذ ـ التنافي. هذا تمام الكلام في الاحتمال الأوّل من الاحتمالات المتصوّرة في المراد من قوله صلىاللهعليهوآله : (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) (١).
وأمّا الاحتمال الثاني ، فلقد أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(ويحتمل أن يراد من النفي النهي عن إضرار النفس أو الغير ابتداء أو مجازاة).
__________________
(١) الفقيه ٤ : ٢٤٣ / ٧٧٧. الوسائل ٢٦ : ١٤ ، أبواب موانع الإرث ، ب ١ ، ح ١٠.