لكن لا بدّ أن يراد بالنهي ـ زائدا على التحريم ـ الفساد وعدم المضي ، للاستدلال به في كثير من رواياته على الحكم الوضعي دون محض التكليف ، فالنهي هنا نظير الأمر بالوفاء في الشروط والعقود ، فكلّ إضرار بالنفس أو الغير محرّم غير ماض على من أضرّه.
وهذا المعنى قريب من الأوّل ، بل راجع إليه ، والأظهر بملاحظة نفس الفقرة ونظائرها
____________________________________
فيكون ـ حينئذ ـ قوله صلىاللهعليهوآله : (لا ضرر ولا ضرار) بمعنى الإنشاء ، كما كان على الاحتمال الأوّل بمعنى الأخبار.
وحاصل الكلام في هذا الاحتمال ، هو أنّ قوله صلىاللهعليهوآله : (لا ضرر ولا ضرار) نفي اريد به النهي ، فيكون بمنزلة قوله تعالى : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ)(١) وعلى هذا فيكون مفاد الفقرتين حرمة الإضرار بالنفس أو بالغير ، وحرمة القيام مقام الإضرار.
(لكن لا بدّ أن يراد بالنهي ـ زائدا على التحريم ـ الفساد وعدم المضي) في موارد إمكان الحكم بالفساد كالبيع الغبني ، حيث يكون حراما وغير ماض ، بمعنى أنّه متزلزل بخيار الغبن ، والوضوء مع الضرر حيث يكون حراما وفاسدا ، واتلاف مال الغير حيث يكون حراما وغير جائز ، بمعنى كون المتلف ضامنا.
وهكذا قال المصنّف قدسسره : (لكن لا بدّ أن يراد بالنهي ... إلى آخره).
(للاستدلال به) ، أي : لاستدلال الإمام بقول النبيّ صلىاللهعليهوآله : (لا ضرر ولا ضرار في الاسلام) (في كثير من رواياته على الحكم الوضعي) كثبوت حقّ الشفعة للشريك ، (فالنهي هنا نظير الأمر بالوفاء في الشروط والعقود) ، فكما أنّ الأمر بالوفاء بالعهود والعقود والشرائط يدلّ على الوجوب والصحّة ، فكذلك النهي هنا يدلّ على الحرمة والفساد.
(وهذا المعنى قريب من الأوّل).
أي : الاحتمال الثاني ـ في معنى لا ضرر ولا ضرار ـ قريب من الاحتمال الأوّل الذي تقدّم في معنى لا ضرر ولا ضرار ، وذلك لأنّه إذا حرم الإضرار وفسدت العبادات والمعاملات الضرريّة ، كان لازم ذلك عدم جعل الأحكام الضرريّة أيضا ، كما لا يخفى.
(بل راجع إليه) بأن يكون النهي لمجرّد الإرشاد إلى المعنى الأوّل ، أو يكون تشريعيّا
__________________
(١) البقرة : ١٩٧.