ثمّ إنّ هذه القاعدة حاكمة على جميع العمومات الدالّة بعمومها على تشريع الحكم الضرري ، كأدلّة لزوم العقود ، وسلطنة الناس على أموالهم ، ووجوب الوضوء على واجد
____________________________________
ورابعا : إنّ كلّ ضرر خارجي ليس ممّا حكم الشارع بتداركه تكليفا أو وضعا ، فإنّه لو تضرّر تاجر باستيراد تاجر آخر ، لا يجب عليه تدارك الضرر الذي سبّبه للتاجر الآخر مع أنّ التاجر الثاني هو الموجب للضرر على التاجر الأوّل ، كما في تقريرات سيدنا الاستاذ دام ظلّه. هذا تمام الكلام في المقام الثالث.
وأمّا المقام الرابع وهو حالها في قبال الأدلّة المعارضة لها ، فقد أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(ثمّ إنّ هذه القاعدة حاكمة على جميع العمومات الدالّة بعمومها على تشريع الحكم الضرري ... إلى آخره).
وقبل بيان حكومة قاعدة لا ضرر على العمومات الدالّة بعمومها على تشريع الحكم الضرري ، لا بدّ من لحاظ تنافيها بكلّ واحد من معانيها الثلاثة مع العمومات الدالّة على تشريع الحكم الضرري ، فنقول :
إنّ اريد بها المعنى الثالث ، وهو أن يكون مفادها نفي الحكم الضرري الذي لم يتدارك ضرره ، فلا تنافي بينها وبين ما دلّ على ثبوت الحكم الضرري في الإسلام ، وذلك لأنّ الأحكام الشرعيّة عند العدليّة تابعة للمصالح والمفاسد في متعلّقاتها ، فحينئذ إذا كان دليل دلّ على ثبوت الحكم الضرري لكان كاشفا عن تدارك ضرره بالمصلحة العائدة إلى المتضرّر ولو في الآخرة ، فلا تنافي إذن بين ما دلّ على ثبوت الحكم الضرري وبين هذه القاعدة ، وذلك لأنّ مفادها أنّ كلّ ضرر ناشئ من الحكم التكليفي أو الوضعي متدارك ، إمّا في الدنيا بزيادة المال ، أو في الآخرة بالمصلحة والثواب ، فتأمّل كي تعرف.
وإن اريد بها المعنى الثاني ، أي : تحريم الإضرار بالنفس أو بالغير ، فإن اريد بها مجرّد حرمة الضرر ، فلا تنافي بينها وبين ما دلّ على ثبوت الحكم الضرري في الإسلام أيضا ، كبراءة ذمة الضارّ فرضا ، وذلك لأنّ الحكم ببراءة ذمّة الضارّ وإن كان ضرريّا ، إلّا أنّه لا ينافي كون فعله ـ وهو الإضرار بالغير ـ حراما أيضا.
وإن اريد بها الحرمة مع الفساد وعدم المضي ، حصل التنافي بينها وبين ما دلّ على