مع أنّ وقوعها في مقام الامتنان يكفي في تقديمها على العمومات.
والمراد بالحكومة : أن يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي متعرّضا لحال دليل آخر ، من حيث إثبات حكم لشيء أو نفيه عنه.
فالأوّل : مثل ما دلّ على الطهارة بالاستصحاب أو بشهادة العدلين ، فإنّه حاكم على ما دلّ على أنّه (لا صلاة إلّا بطهور) (١) ، فإنّه يفيد بمدلوله اللفظي على أنّ ما ثبت من الأحكام للطهارة ـ في مثل لا صلاة إلّا بطهور وغيرها ـ ثابت للمتطهر بالاستصحاب أو بالبيّنة.
____________________________________
الصغرى ، حيث غفل غير واحد من العلماء عن حكومة هذه القاعدة على العمومات ، فتخيّل التعارض بينهما بالعموم من وجه ، فمادّة الافتراق من جانب العمومات هي موارد عدم الضرر ، ومادّة الافتراق من جانب القاعدة هي إتلاف مال الغير ، ومادة الاجتماع هي الوضوء الضرري مثلا ، ولذلك حكموا بترجيح القاعدة بالإجماع وغيره.
ولذلك قال المصنّف قدسسره ردّا لهذا التوهّم : بأنّ القاعدة حاكمة على العمومات ، فلا حاجة في تقديمها عليها ـ حينئذ ـ إلى ملاحظة النسبة بينهما ثمّ ترجيح القاعدة عليها ، بل دليل نفي السهو على كثير السهو مثلا حاكم على دليل وجوب سجدتي السهو ، فيقدّم عليه من دون ترجيح خارجي ، بل حتى على فرض التعارض بينها وبين العمومات تقدّم القاعدة عليها لمرجّح داخلي ، وهو وقوعها في مقام الامتنان من دون حاجة إلى مرجّح خارجي أصلا ، كما أشار إليه قدسسره بقوله :
(مع أنّ وقوعها في مقام الامتنان يكفي في تقديمها على العمومات).
ثمّ يشير المصنّف قدسسره إلى معنى الحكومة تمهيدا للفرق بينها وبين التعارض بقوله :
(والمراد بالحكومة : أن يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي متعرّضا لحال دليل آخر ، من حيث إثبات حكم لشيء) إشارة إلى كون الدليل الحاكم موسّعا للدليل المحكوم (أو نفيه عنه) إشارة إلى كون الحاكم مضيّقا للمحكوم.
(فالأوّل) ، أي : كون الدليل الحاكم موسّعا(مثل ما دلّ على الطهارة بالاستصحاب أو بشهادة العدلين ، فإنّه حاكم على ما دلّ على أنّه (لا صلاة إلّا بطهور)).
__________________
(١) التهذيب ١ : ٥٠ / ١٤٤. الاستبصار ١ : ٥٥ / ١٦٠. غوالي اللآلئ ٣ : ٨ / ١. الوسائل ١ : ٣١٥ ، أبواب أحكام الخلوة ، ب ٩ ، ح ١.