الأجر المستفاد من قوله صلىاللهعليهوآله : (أفضل الأعمال أحمزها) (١) وما اشتهر في الألسن وارتكز في العقول من : «أنّ الأجر على قدر المشقّة».
فالتحقيق في دفع التوهّم المذكور ما ذكرناه من الحكومة والورود في مقام الامتنان ، ثمّ إنّك قد عرفت بما ذكرنا أنّه لا قصور في القاعدة المذكورة من حيث مدركها سندا أو دلالة.
إلّا أنّ الذي يوهن فيها هي كثرة التخصيصات فيها بحيث يكون الخارج منها أضعاف الباقي ، كما لا يخفى على المتتبّع ، خصوصا على تفسير الضرر بإدخال المكروه ، كما تقدّم ، بل لو
____________________________________
يتدارك بها الضرر الموجود فيها ، ولو كانت المصلحة فيها هي الأجر في الآخرة.
(مع أنّه يكفي ـ حينئذ ـ في تدارك الضرر الأجر المستفاد من قوله صلىاللهعليهوآله : (أفضل الأعمال أحمزها).
أي : يكفي على فرض شمول الأدلّة لمورد الضرر ـ في تدارك الضرر ـ الأجر المستفاد من قول النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وممّا اشتهر من «أنّ الأجر على قدر المشقة» فيتدارك الضرر بالأجر والثواب ولو في الآخرة ، ولو لم نقل بتداركه بالمصلحة الزائدة على مصلحة نفس الطبيعة.
وكيف كان ، فالدفع المحكي عن صاحب العوائد غير صحيح.
(فالتحقيق في دفع التوهّم المذكور ما ذكرناه من الحكومة والورود في مقام الامتنان). هذا تمام الكلام في المقامات الأربعة.
والمتحصّل من الجميع أنّ القاعدة حاكمة على الأدلّة ، إذ لا قصور فيها من حيث مدركها سندا لتواتره ، إلّا أنّه قد يرد عليها ما أشار إليه قدسسره بقوله :
(إلّا أنّ الذي يوهن فيها هي كثرة التخصيصات فيها بحيث يكون الخارج منها أضعاف الباقي) لخروج الأحكام الكثيرة منها ، وهي تشريع الخمس والزكاة ، والحجّ والجهاد ، مع أبواب الضمانات والحدود ، والديات والقصاص والتعزيرات ، لكون هذه الأحكام المذكورة المجعولة شرعا كلّها ضرريّة (خصوصا على تفسير الضرر بإدخال المكروه) حيث يلزم أن يكون التخصيص في غاية الكثرة ، إذ كثير من الواجبات والمحرّمات ممّا يكرهه أكثر الناس.
__________________
(١) النهاية ١ : ٤٤٠. البحار ٦٧ : ١٩١ ، بالمعنى.