وزعم بعض المعاصرين الفرق بين أصالة عدم الجزئيّة ومضمون النبوي ، حيث حكم في مسألة البراءة والاشتغال في الشكّ في الجزئيّة بأنّ أصالة عدم الجزئيّة لا يثبت بها ما يترتّب عليه من كون المأمور به هو الأقلّ ؛ لأنّه لازم غير شرعي ، أمّا رفع الجزئيّة الثابتة بالنبوي فيثبت به كون المأمور به هو الأقلّ.
وذكر في وجه الفرق ما لا يصلح له من إرادة راجعة فيما ذكره في أصالة العدم ، وكيف كان ، فالقاعدة الثانويّة في النسيان غير ثابتة.
نعم ، يمكن دعوى القاعدة الثانويّة في خصوص الصلاة من جهة قوله عليهالسلام : (لا تعاد
____________________________________
كان حكما عقليّا ، على ما يظهر من كلام المصنّف قدسسره لأجل دلالة الاقتضاء وتوقف تصحيح الكلام عليه ، كما في التنكابني.
(فافهم) لعلّه إشارة إلى أنّ رفع وجوب الإعادة بالدليل الخاصّ ـ ولو كان أثرا عقليّا ـ إنّما يصح فيما إذا كان الأثر منحصرا به ، بحيث لو لم يرتفع به لزم أن يكون الكلام لغوا.
(وزعم بعض المعاصرين الفرق بين أصالة عدم الجزئيّة ومضمون النبوي ... إلى آخره).
والمراد من بعض المعاصرين هو صاحب الفصول قدسسره حيث فرّق بين أصالة عدم الجزئيّة ـ أي : استصحاب عدم الجزئيّة ـ وبين حديث الرفع.
وحاصل الفرق ، هو عدم ثبوت كون المأمور به هو الأقلّ بالاستصحاب المذكور ، وثبوت كون الأقلّ هو المأمور به بالنبوي.
ولعلّ الوجه في الفرق المذكور هو أنّ استصحاب عدم الجزئيّة مثبت بالنسبة إلى ترتّب كون المأمور به هو الأقلّ ، والأصل المثبت ليس بحجّة ، وهذا بخلاف النبوي حيث يرتفع به جزئيّة المشكوك ، ويترتّب على نفي الجزئيّة جميع الآثار ، ومنها كون المأمور به هو الأقلّ.
إلّا أنّ هذا الفرق غير صحيح عند المصنّف قدسسره ؛ لأنّ الجزئيّة ليست من الأحكام الشرعيّة حتى ترتفع بحديث الرفع ليثبت به كون المأمور به هو الأقلّ ، وقد عرفت أنّ المرتفع بحديث الرفع هو الحكم الشرعي من دون واسطة لا غير ، فالحاصل من الجميع هو عدم ثبوت أصل ثانوي يقتضي صحة ما يأتي به الناسي.