فإنّ تحمّل الغير على الضرر ولو يسيرا ـ لأجل دفع الضرر عن الغير ولو كثيرا ـ حرج وضيق ، ولذا اتفقوا على أنّه يجوز للمكره الإضرار على الغير بما دون القتل ، لأجل دفع الضرر عن نفسه ، ولو كان أقلّ من ضرر الغير ، هذا كلّه في تعارض ضرر المالك وضرر الغير.
____________________________________
إمّا لعدم ثبوت الترجيح بقلّة الضرر).
فإنّ قوله صلىاللهعليهوآله : (لا ضرر ولا ضرار) يشمل مطلق الضرر من دون فرق بين القليل والكثير ، فيتعارض الضرر القليل مع الكثير ويتساقطان ، فيرجع ـ حينئذ ـ إلى قاعدة السلطنة.
(وإمّا لحكومة نفي الحرج على نفي الضرر) على فرض عدم ضرر المالك إذا كان قليلا بضرر الجار إذا كان كثيرا ، فتختصّ قاعدة لا ضرر بجانب الجار ، إلّا أنّ قاعدة نفي الحرج في جانب المالك حاكمة على قاعدة لا ضرر في جانب الجار ، وذلك (فإنّ تحمّل الغير على الضرر ولو يسيرا ـ لأجل دفع الضرر عن الغير ولو كثيرا ـ حرج وضيق ، ولذا اتّفقوا على أنّه يجوز للمكره الإضرار على الغير بما دون القتل ، لأجل دفع الضرر عن نفسه ، ولو كان أقلّ من ضرر الغير). هذا تمام الكلام في المسألة الثانية من المسائل الثلاث.
وبقي الكلام في المسألة الثالثة فقط ، والتي أشار اليها المصنّف قدسسره بقوله :
(وأمّا في غير ذلك).
ولهذه المسألة فروع كما في تقريرات سيدنا الاستاذ دام ظلّه ، فلا بدّ أوّلا من ذكر مثال لها ، ثمّ البحث في فروع هذه المسألة ، والمثال المعروف هو ما إذا دخل رأس دابة شخص في قدر شخص آخر ، ولم يمكن تخليصها إلّا بكسر القدر أو ذبح الدابة ، وفروع هذه المسألة ثلاثة :
الأوّل : أن يكون ذلك بفعل أحد المالكين ، والحكم فيه وجوب إتلافه ، وتخليص مال الآخر مقدّمة لردّه إلى مالكه ، وذلك لقاعدة اليد ، ولا يجوز إتلاف مال الغير ، ثمّ دفع مثله أو قيمته إلى مالكه ، لأنّه متى أمكن ردّ العين وجب ردّها ، ولا تصل النوبة إلى المثل أو القيمة ، لأنّ الانتقال إلى المثل أو القيمة إنّما هو بعد تعذّر العين ، وهنا من هذا القبيل.
الثاني : أن يكون ذلك بفعل شخص ثالث غير المالكين ، وفي مثله يتخيّر في إتلاف أيّهما شاء ويضمن مثله أو قيمته لمالكه ، إذ بعد تعذّر إيصال كلا المالين إلى مالكيهما ، عليه