____________________________________
الاستصحاب اصطلاحا بمعنى حكم الشارع ببقاء الحكم الثابت في الزمان الأوّل في الزمان الثاني ، إذ فيه جعل الزمان الثاني مصاحبا للزمان الأوّل في الحكم ، ويكون ـ حينئذ ـ المعنى الاصطلاحي أخصّ من المعنى اللغوي ، إذ أنّ المعنى اللغوي هو مطلق جعل الشيء مصاحبا ، والمعنى الاصطلاحي هو نوع خاصّ منه ، ولو قلنا بالنقل لكان النقل من المعنى اللغوي إلى الاصطلاحي من قبيل نقل العامّ إلى الخاصّ.
ويحتمل أن يكون من قبيل نقل المباين إلى المباين ، لكون المعنى الاصطلاحي مباينا للمعنى اللغوي ، وذلك لأنّ معنى الاستصحاب اصطلاحا على تقدير كون مدركه هو الأخبار والأدلّة اللفظيّة هو : حكم الشارع ببقاء المتيقّن السابق إلى زمان الشكّ ، وهذا المعنى ليس من أفراد المعنى اللغوي ، إذ ليس فيه جعل الشيء مصاحبا ، لأنّ مرجعه إلى حكم الشارع ببقاء الحكم المتيقّن السابق للمكلّف إلى زمان شكّه تعبّدا.
ومن المعلوم أنّ الشارع ـ حينئذ ـ ليس بمستصحب للحكم بمعنى أخذه مصاحبا له ، إذ لم يتّخذه مصاحبا له ، ولا للمكلّف ، بل الشارع جعل الحكم مصاحبا للمكلّف تعبّدا.
نعم ، لو قلنا : بأنّ مدرك الاستصحاب هو العقل وبناء العقلاء ، فيمكن اعتباره من أفراد المعنى اللغوي ولو مسامحة ، فيقال : إنّ العقل هو الذي يحكم بثبوت ما هو المتيقّن في الزمن السابق في زمن الشكّ أيضا ، وحينئذ يصدق عليه أنّ المكلّف هو المستصحب للحكم إلى زمان الشكّ ، لا الإبقاء الشرعي التعبّدي.
وأمّا مقوّمات الاستصحاب ، ففي بدء النظر وإن كانت ثلاثة وهي :
١ ـ اليقين بثبوت حكم ، أو موضوع ذي حكم شرعي في السابق.
٢ ـ والشكّ في بقاء ذلك الحكم ، أو الموضوع في الزمن اللاحق.
٣ ـ فعليّة الشكّ واليقين ، إذ لا يكفي في إجراء الاستصحاب الشكّ واليقين التقديريّان.
إلّا أنّ التحقيق هو أنّ مقوّمات الاستصحاب أكثر من ذلك ، إذ ترتقي إلى سبعة امور على ما في اصول الفقه للمظفّر قدسسره :
الأوّل : اليقين بتحقّق شيء ، سواء كان حكما شرعيّا ، أو موضوعا ذا حكم شرعي.
الثاني : الشكّ في بقاء ما كان متيقّنا ، غاية الأمر أنّ المقصود من الشكّ ما هو أعمّ من