____________________________________
الشكّ بمعناه الحقيقي ومن الظنّ غير المعتبر.
الثالث : اجتماع اليقين والشكّ في زمان واحد ، بمعنى أن يتّفق في آن واحد حصول اليقين بالنسبة إلى تحقّق شيء والشكّ في بقائه ، لا بمعنى كون مبدأ حصولهما وحدوثهما في آن واحد ، بل من حيث مبدأ الحدوث يكون اليقين قبل الشكّ غالبا ، وقد يكونا متقارنين حدوثا ، كما لو تيقّن المكلّف يوم الجمعة مثلا بطهارة ثوبه يوم الخميس ، وفي نفس الوقت وفي آن حصول العلم واليقين حصل له الشكّ في بقاء الطهارة السابقة إلى يوم الجمعة.
وقد يكون مبدأ حدوث اليقين متأخّرا عن حدوث الشكّ ، كما لو حدث الشكّ يوم الجمعة في طهارة ثوبه ، واستمرّ الشكّ إلى يوم السبت ، ثمّ حدث له اليقين يوم السبت في أنّ الثوب كان طاهرا يوم الخميس ، فإنّ كلّ هذه الفروض هي مجرى للاستصحاب.
فلو لم يجتمع اليقين والشكّ في آن واحد ، بأن تبدّل اليقين بالشكّ وسرى الشكّ إليه ، كان موردا لقاعدة اليقين المغايرة لقاعدة الاستصحاب ، كما إذا علم باجتهاد زيد ، ثمّ شكّ في أصل حدوث هذه الصفة له ، حيث يسري هذا الشكّ إلى اليقين ، فيرتفع اليقين به ، ولهذا يسمّى هذا المورد من اليقين والشكّ بالشكّ الساري ، وبهذا البيان ظهر الفرق بين الاستصحاب وقاعدة اليقين والشكّ الساري.
واجمال الفرق أنّ الشكّ إذا تعلّق ببقاء ما تيقّن به ، فهو الاستصحاب ، وإذا تعلّق بأصل حدوث ما تيقّن به ، فهو قاعدة اليقين.
الرابع : تعدّد زمان المتيقّن والمشكوك ، إذ لو اتّحد زمان متعلّق اليقين والشكّ ، لزم منه اجتماع اليقين والشكّ في شيء واحد ، وهو محال ، فلا بدّ ـ حينئذ ـ من الالتزام بأحد أمرين :
الأوّل : أمّا بوحدة زمان الوصفين وتعدّد زمان متعلّقهما ، فيكون موردا للاستصحاب.
الثاني : وأمّا بوحدة زمان المتعلّقين وتعدّد زمان الوصفين ، فيكون موردا لقاعدة اليقين.
هذا هو الفرق الأساسي بين الاستصحاب وقاعدة اليقين ، وللكلام في شمول أدلّة الاستصحاب لقاعدة اليقين وعدم شمولها لها محلّ آخر ، فنرجئه إلى محلّه.