____________________________________
الاستصحاب هو كون حكم أو وصف يقيني الحصول في الآن السابق مشكوك البقاء في الآن اللاحق ـ يمكن أن يتصوّر بامور :
أمّا الأوّل : إنّ هذا التعريف ليس جامعا ، إذ قوله : «يقيني الحصول» ظاهر في اعتبار تقدّم وصف اليقين زمانا على الشكّ ، مع أنّ الأمر ليس كذلك ، وذلك لما عرفت من أنّ المعتبر في الاستصحاب إنّما هو تقدّم نفس المتيقّن على المشكوك من غير فرق بين أن يكون زمان نفس اليقين والشكّ متّحدا أو مختلفا ، وعلى الاختلاف لا فرق بين تقدّم زمان اليقين على الشكّ وبين عكس ذلك فهذه الصور كلّها مندرجة في الاستصحاب ، ولكن التعريف المذكور لا يشملها.
وأمّا الثاني : فإنّ التعريف المذكور ليس بمانع أيضا ، وذلك لشموله للشكّ الساري ، فإنّ ظاهر قوله : «يقيني الحصول في الآن السابق» هو حصول اليقين في السابق ، سواء كان الموصوف باليقين باقيا على وصفه في زمان عروض الشكّ ، كما هو مورد الاستصحاب أم لا ، كما هو مورد الشكّ الساري ، والتعريف المذكور لا يمنع من دخول الشكّ الساري فيه.
وأمّا الثالث : فهو ما ذكره المصنّف قدسسره من أنّ هذا التعريف محقّق لمورد الاستصحاب ولا يكون تعريفه لنفسه ، ولهذا حكم بأنّه أزيف التعاريف.
ثمّ إنّ الإيراد على تعريف الاستصحاب بالمحلّ والحال معا يظهر ممّا تقدّم من الإيراد على تعريفه بالمحلّ ، بأنّه محقّق لمورد الاستصحاب ، لا معرّفا لنفس الاستصحاب إن كان المقصود من حدّ الاستصحاب هو خصوص الصغرى ، وإن كان المراد من الحدّ هو خصوص الكبرى ، انطبق التعريف المذكور على تعاريف المشهور ، ولذلك قال المصنّف قدسسره : إنّ أسدّ التعاريف وأفضلها هو إبقاء ما كان.
وكيف كان ، فلا بدّ من بيان وجه أسدّيّة ما ذكره المصنّف قدسسره بهذا التعريف ، ولعلّ الوجه في ذلك هو لأنّ هذا التعريف ـ أي : «ابقاء ما كان» ـ مشتمل على الأركان المعتبرة في الاستصحاب وهي : ١ ـ اليقين. ٢ ـ الشكّ. ٣ ـ وكونهما فعليّين.
وذلك لأنّ كلمة «كان» تدلّ على ثبوت الحكم أو الموضوع وتحقّقه في الزمان السابق ، ولازمه هو اليقين بتحقّق الحكم أو الموضوع في السابق.