من حيث إنّ الاستصحاب ـ حينئذ ـ قاعدة مستفادة من السنّة ، وليس التكلّم فيه تكلّما في أحوال السنّة ، بل هو نظير سائر القواعد المستفادة من الكتاب والسنّة ، والمسألة الاصوليّة هي التي بمعونتها تستنبط هذه القاعدة من قولهم عليهمالسلام : (لا تنقض اليقين بالشّكّ) ؛ وهي المسائل الباحثة عن أحوال طريق الخبر ، وعن أحوال الألفاظ الواقعة فيه.
فهذه القاعدة كقاعدة البراءة والاشتغال ، نظير قاعدة نفي الضرر والحرج ، من القواعد
____________________________________
أمّا وجه كونه من القواعد الفقهيّة ، فقد أشار إليه قدسسره بقوله :
(من حيث إنّ الاستصحاب ـ حينئذ ـ قاعدة مستفادة من السنّة).
كقاعدة الطهارة ، وقاعدة التجاوز ، وقاعدة لا ضرر ، لأنّ الاستصحاب ـ حينئذ ـ عبارة عن مضمون قوله عليهالسلام : (لا تنقض اليقين بالشكّ) (١) ، كما أنّ قاعدة الطهارة عبارة عن مضمون قوله عليهالسلام : (كلّ شيء طاهر حتى تعلم أنّه قذر) (٢) ، وقاعدة نفي الضرر عبارة عن مضمون قوله صلىاللهعليهوآله : (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) (٣) فليس البحث فيه بحثا عن أحوال الطريق والدليل ، كالتعارض والتخصيص ونحوهما حتى يكون من المسائل الاصوليّة ، إذ المسألة الاصوليّة هي ما يبحث فيها عن أحوال الدليل والطريق ، كما أشار إليه قدسسره بقوله :
(وهي المسائل الباحثة عن أحوال طريق الخبر) صحّة وضعفا ، (وعن أحوال الألفاظ الواقعة فيه) من حيث الظهور وعدمه.
فالمسألة الاصوليّة هي ما يبحث فيه عن أحوال الطريق من السند أو الدلالة أو المعارض ، وعن حجيّة ظواهر الألفاظ الواقعة فيه.
وبعد حجيّة الخبر يمكن أن يقال بوجوب إبقاء ما كان ، لكونه مستفادا من قوله عليهالسلام : (لا تنقض اليقين بالشكّ) ومن المعلوم أنّ البحث عن مضمون الطريق ليس بحثا عن أحواله حتى يدخل في المسألة الاصوليّة.
(فهذه القاعدة كقاعدة البراءة والاشتغال ، نظير قاعدة نفي الضرر والحرج ، من
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٥٢ / ٣. التهذيب ٢ : ١٨٦ / ٧٤٠. الاستبصار ١ : ٣٧٣ / ١٤١٦. الوسائل ٨ : ١٢٧ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ١٠ ، ح ٣.
(٢) التهذيب ١ : ٢٨٥ / ٨٣٢. الوسائل ٣ : ٤٦٧ ، أبواب النجاسات ، ب ٣٧ ، ح ٤.
(٣) الفقيه ٤ : ٢٤٣ / ٧٧٧. الوسائل ٢٦ : ١٤ ، أبواب موانع الإرث ، ب ١ ، ح ١٠.