الرابع : إنّ المناط في اعتبار الاستصحاب ، على القول بكونه من باب التعبّد الظاهري ، هو مجرّد عدم العلم بزوال الحالة السابقة.
وأمّا على القول بكونه من باب الظنّ ، فالمعهود من طريقة الفقهاء عدم اعتبار إفادة الظنّ في خصوص المقام.
____________________________________
مكلّف ، لأنّها لا تقع في طريق الاستنباط ، كالعمل بالبيّنة والاستصحاب ، حيث يعمل المكلّف بهما بعد قول المجتهد بأنّه لو قامت البيّنة على نجاسة الماء يؤخذ بها ، أو قوله : بأنّه لو كان الماء نجسا فشكّ فيه يستصحب ، فهذه الامور تكون من القواعد الفقهيّة.
فيكون الاستصحاب ـ حينئذ ـ ذا جهتين : فمن جهة كونه حجّة في الأحكام الكلّية مسألة اصوليّة ، ومن جهة كونه حجّة في الأحكام الجزئيّة والموضوعات الخارجيّة قاعدة فقهيّة ، ولا مانع من اجتماع الجهتين فيه بعد شمول إطلاق قوله عليهالسلام : (لا تنقض اليقين بالشكّ) اليقين والشكّ المتعلّقين بالأحكام الكلّية والجزئيّة معا.
(الرابع : إنّ المناط في اعتبار الاستصحاب ، على القول بكونه من باب التعبّد الظاهري ، هو مجرّد عدم العلم بزوال الحالة السابقة).
وحاصل كلام المصنّف قدسسره هو بيان مناط حجيّة الاستصحاب ؛ تارة : على القول بكونه حجّة من باب الأخبار ، وأخرى : على القول بكونه حجّة من باب الظنّ.
أمّا المناط في اعتباره على الأوّل ، فهو مجرّد عدم العلم بالخلاف الشامل لصور الظنّ بالبقاء ، والظنّ بالارتفاع ، والشكّ فيهما ، غاية الأمر أنّه إذا قام الظنّ المعتبر بالخلاف يكون مقدّما على الاستصحاب من باب الحكومة ، فيكون الشكّ في قوله عليهالسلام : (لا تنقض اليقين بالشكّ) بمعنى خلاف اليقين ، لا بمعنى تساوي الطرفين ، وذلك بقرينة حصر الناقض في أخبار الاستصحاب باليقين بالخلاف ، كما يأتي في تنبيهات الاستصحاب.
وأمّا المناط على القول بكونه حجّة من باب الظنّ ، فهو حصول الظنّ النوعي المطلق بالبقاء ، لا الظنّ النوعي المقيّد بعدم الظنّ على خلافه ، ولا الظنّ الشخصي الفعلي ، كما أشار إليه قدسسره بقوله :
(وأمّا على القول بكونه من باب الظنّ) وحكم العقل بدوام ما ثبت (فالمعهود من طريقة الفقهاء عدم اعتبار إفادة الظنّ في خصوص المقام).