استصحاب عدم التذكية الذي تمسّك به الأكثر لنجاسة الجلد المطروح.
وبالجملة فالظاهر أنّ التتبّع يشهد بأنّ العدميّات ليست خارجة عن محلّ النزاع ، بل سيجيء ـ عند بيان أدلّة الأقوال ـ : إنّ القول بالتفصيل بين العدمي والوجودي ـ بناء على اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ ـ وجوده بين العلماء لا يخلو من إشكال ، فضلا عن اتّفاق النافين عليه ، إذ ما من استصحاب وجودي إلّا ويمكن معه فرض استصحاب عدمي يلزم من الظنّ به الظنّ بذلك المستصحب الوجودي ، فتسقط فائدة نفي اعتبار
____________________________________
عدم التذكية الذي تمسّك به الأكثر لنجاسة الجلد المطروح) في الطريق ، ثمّ علّل صاحب المدارك قدسسره عدم اعتبار استصحاب عدم التذكية بوجهين :
أحدهما : عدم اعتبار الاستصحاب أصلا.
وثانيهما : هو أنّ استصحاب عدم التذكية معارض باستصحاب عدم الموت حتف الأنف ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي بتصرّف ، فكلامه صريح في المنع عن اعتبار الاستصحاب حتى في العدميّات ، هذا مضافا إلى عدم خلوّ موارد الاستصحابات الوجوديّة عن الاستصحابات العدميّة ، فحينئذ لو خرجت الاستصحابات العدميّة عن محلّ النزاع باعتبار كونها حجّة بلا خلاف ، لكان البحث عن حجيّة الاستصحابات الوجوديّة لغوا ، وذلك لإمكان التمسّك بالاستصحاب العدمي لإثبات ما هو المقصود إثباته بالاستصحاب الوجودي ، كإثبات وجوب نفقة زوجة زيد باستصحاب عدم موته بدلا عن استصحاب حياته ، وكذا إثبات طهارة الثوب المغسول بالماء المشكوك بقاؤه طاهرا باستصحاب عدم نجاسته بدلا عن استصحاب طهارة الماء ، وهكذا.
ثمّ إنّ الوجه لكفاية الاستصحاب العدمي بدلا عن الاستصحاب الوجودي ، هو أنّ لكلّ شيء ضدّ ، ويمكن نفي أحد الضدّين بإثبات الآخر ، كإثبات حياة زيد بنفي موته في المثال المتقدّم ، وإثبات الطهارة بنفي النجاسة ، إلّا أنّ هذا الأصل مثبت ، وذلك لأنّ الحياة من اللوازم العقليّة لعدم الموت والطهارة كذلك ، وحجيّة الأصل المثبت مبني على اعتباره من باب الظنّ لما يأتي من حجيّة الأمارات حتى بالنسبة إلى اللوازم العقليّة.
وأمّا بناء على اعتبار الاستصحاب من باب الأخبار ، فإنّ مثبته ليس بحجّة كما لا يخفى.
وكيف كان ، فقد أشار المصنّف قدسسره إلى ما ذكرناه من كون البحث عن الاستصحاب