الثالث : إنّ دليل المستصحب إمّا أن يدلّ على استمرار الحكم إلى حصول رافع أو غاية ،
____________________________________
الاستصحاب بين الأحكام الوجوديّة المستندة إلى العقل والعدميّة المستندة إليه ، بأن قالوا باعتباره في القسم الثاني دون الأوّل ، حتى يرد عليهم الاعتراض المذكور ، بل هم مطبقون على عدم الفرق بينهما في عدم جريان الاستصحاب فيهما ، فحينئذ ليس مرادهم من حال العقل هو الحال المستند إليه ، بل مرادهم من حال العقل هو الحال الذي في مورد حكم العقل من غير استناد إليه ، كعدم التكليف حال الصغر كما مرّ ، ولم يوجد في العدميّات ما لم يكن مستندا إلى حكم العقل إلّا عدم التكليف حال الصغر ، فحكموا بجواز استصحابه وسمّوه باستصحاب حال العقل لكونه مطابقا لحكم العقل ، وقد يسمّى بالبراءة الأصليّة أيضا.
(وما ذكره من الأمثلة يظهر الحال فيها ممّا تقدّم).
أي : ما ذكره صاحب الفصول قدسسره من الأمثلة لكلّ من الأمر العدمي والوجودي ، يظهر الحال في الجميع غير مثال عدم التكليف حال الصغر حيث يجري فيه الاستصحاب.
(ممّا تقدّم) من أنّه لا يعقل الشكّ في موضوع حكم العقل ، وعلى فرض تحقّقه لا يحكم العقل أصلا ، فإنّ موضوع حكم العقل في جميع موارده يجب أن يكون مبيّنا مفصلا ، إذ حكم العقل بقبح التصرّف في مال الغير أو حسن ردّ الوديعة ، الكاشف عن حكم الشرع بالحرمة والوجوب ، لا يمكن أن يكون على سبيل الإهمال ، ولا يعقل فرض الشكّ فيه ، إذ لا يجوز للحاكم أن يحكم في مورد لا يعلم ما هو الموضوع لحكمه ، وإلّا لم يكن حاكما ، وهكذا حال حكمه بعدم الشيء من جهة عدم موضوعه حيث لا يتصوّر فيه شكّ ، كما في بحر الفوائد بتلخيص منّا.
(الثالث : إنّ دليل المستصحب إمّا أن يدلّ على استمرار الحكم إلى حصول رافع أو غاية).
والرافع هو ما له تأثير في رفع الحكم الثابت بحيث لولاه لاستمر الحكم ، كالحدث مثلا بالنسبة إلى الطهارة.
والغاية هي ما كان كاشفا عن انتهاء استعداد الحكم السابق ، كالليل بالنسبة إلى وجوب صوم النهار ، وقيل : إنّ الفرق بينهما هو كون الغاية أعمّ من الرافع ، فإنّها قد تكون رافعة ،