وأمّا باعتبار الشكّ في البقاء فمن وجوه أيضا :
أحدها : من جهة أنّ الشكّ قد ينشأ من اشتباه الأمر الخارجي ، مثل الشكّ في حدوث البول أو كون الحادث بولا أو وذيا ، ويسمّى بالشبهة في الموضوع ، سواء كان المستصحب حكما شرعيّا جزئيّا ، كالطهارة في المثالين ، أم موضوعا ، كالرطوبة والكرّيّة ، وعدم نقل اللفظ عن معناه الأصلي ، وشبه ذلك.
وقد ينشأ من اشتباه الحكم الشرعي الصادر من الشارع ، كالشكّ في بقاء نجاسة
____________________________________
بل هو أخذ بالظاهر بحكم العرف وأهل اللسان.
ثانيهما : أن يثبت بالدليل كون المستصحب مقتضيا للاستمرار إلى حصول الرافع ، كالطهارة ، فإنّ قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ)(١) الآية ، لا يدلّ على استمرار الطهارة ، بل قام الإجماع مثلا على أنّ الطهارة إذا حصلت تستمر إلى حصول رافع ، وكذا النكاح وغيره ، فعند الشكّ في الرافع يتمسّك بالاستصحاب.
فصاحب المعالم حمل كلام المحقّق على المعنى الأوّل الذي لا معنى للاستصحاب فيه بالاتّفاق ، فجعله من المنكرين له ، والمصنّف قدسسره حمله على المعنى الثاني ، فجعله من المثبتين له في مورد الشكّ في الرافع ، والحقّ معه ، لأنّ المحقّق مثّل بالنكاح وهو من قبيل اقتضاء المستصحب للاستمرار ، لا من قبيل دلالة الدليل عليه وهو (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(٢) مثلا». انتهى كلامه دامت إفاداته.
(وأمّا باعتبار الشكّ في البقاء فمن وجوه أيضا : أحدها : من جهة أنّ الشكّ قد ينشأ من اشتباه الأمر الخارجي ، مثل الشكّ في حدوث البول أو كون الحادث بولا أو وذيا) مع كون معلوميّة حكم الوذي كالبول شرعا.
(ويسمّى بالشبهة في الموضوع ، سواء كان المستصحب حكما شرعيّا جزئيّا ، كالطهارة في المثالين ، أم موضوعا ، كالرطوبة) ، أي : كاستصحاب بقاء الرطوبة واليبوسة (والكرّيّة ، وعدم نقل اللفظ عن معناه الأصلي) إلّا أن يقال : إنّ عدم نقل اللفظ عن معناه الأصلي خارج عن المقام ، لكونه أصلا لفظيّا مبنيّا على الظهور ، فتأمّل.
__________________
(١) المائدة : ٦.
(٢) المائدة : ١.