«والذي نختاره : أن ننظر في دليل ذلك الحكم ، فإن كان يقتضيه مطلقا ، وجب الحكم باستمرار الحكم ، كعقد النكاح ، فإنّه يوجب حلّ الوطء مطلقا.
فإذا وقع الخلاف في الألفاظ التي يقع بها الطلاق ، فالمستدلّ على أنّ الطلاق لا يقع بها لو قال : حلّ الوطء ثابت قبل النطق بهذه الألفاظ ، فكذا بعده ، كان صحيحا ، لأنّ المقتضي للتحليل ـ وهو العقد ـ اقتضاه مطلقا ، ولا يعلم أنّ الألفاظ المذكورة رافعة لذلك الاقتضاء ، فيثبت الحكم عملا بالمقتضي ، لا يقال : إنّ المقتضي هو العقد ، ولم يثبت أنّه باق ، لأنّا نقول : وقوع العقد اقتضى حلّ الوطء لا مقيّدا بوقت ، فيلزم دوام الحلّ نظرا إلى وقوع المقتضي ، لا إلى دوامه. فيجب أن يثبت الحلّ حتى يثبت الرافع.
____________________________________
(والذي نختاره : أن ننظر في دليل ذلك الحكم ، فإن كان يقتضيه مطلقا ، وجب الحكم باستمرار الحكم ... إلى آخره).
أي : يقتضي الدليل ، ويدلّ على كون المستصحب مقتضيا للدوام والاستمرار لو لا الرافع له ، كما يظهر من تمثيله بعقد النكاح ، حيث قال :
(فإنّه يوجب حلّ الوطء مطلقا ، فإذا وقع الخلاف في الألفاظ التي يقع بها الطلاق) ، كأنت خليّة أو أنت بريّة ، فللمستدلّ أن يستدلّ بالاستصحاب على بقاء حلّ الوطء ، وليس مراده من الاقتضاء اقتضاء الدليل ثبوت الحكم في الزمان الثاني بإطلاقه ، حتى يقال : إنّه خارج عن الاستصحاب ، كما استظهر من كلامه صاحب المعالم رحمهالله.
إلى أن قال : (لا يقال : إنّ المقتضي هو العقد ، ولم يثبت أنّه باق ، لأنّا نقول : وقوع العقد اقتضى حلّ الوطء لا مقيّدا بوقت).
أي : وقوع العقد يقتضي حلّية الوطء إلى حصول الرافع ، لا إلى وقت معيّن وإن لم يحصل الرافع.
(فيلزم دوام الحلّ نظرا إلى وقوع المقتضي ، لا إلى دوامه).
أي : دوام الحلّ يلاحظ بالنسبة إلى أصل وقوع المقتضي للاستمرار ، لا بالنسبة إلى دوام المقتضي ، كي يقال بأنّ دوامه غير محرز ، وبعد توقّف الحلّ على وجود أصل المقتضي لا على دوامه يكون المقتضي محرزا وارتفاعه يحتاج إلى الإحراز.
(فيجب أن يثبت الحلّ حتى يثبت الرافع).