وأمّا فقه الحديث ، فبيانه : أنّ مورد الاستدلال يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون مورد السؤال فيه أن يرى بعد الصلاة نجاسة يعلم أنّها هي التي خفيت عليه قبل الصلاة ، وحينئذ فالمراد اليقين بالطهارة قبل ظنّ الإصابة ، والشكّ حين إرادة الدخول في الصلاة ، لكن عدم نقض ذلك اليقين بذلك الشكّ إنّما يصلح علّة لمشروعيّة الدخول في العبادة المشروطة بالطهارة مع الشكّ فيها ، وأنّ الامتناع عن الدخول فيها نقض لآثار تلك الطهارة المتيقّنة ، لا لعدم وجوب الإعادة على من تيقّن أنّه صلّى في النجاسة ـ كما جزم به السيّد الشارح للوافية ـ إذ الإعادة ليست نقضا لأثر الطهارة المتيقّنة بالشكّ ، بل هو نقض باليقين بناء على أنّ من آثار حصول اليقين بنجاسة الثوب حين الصلاة ولو بعدها وجوب إعادتها.
____________________________________
وأمّا تقريب دلالة الفقرة الثانية على حجيّة الاستصحاب فهو أوضح من تقريب دلالة الفقرة الاولى بعد قوله عليهالسلام : (لعلّه شيء أوقع عليك) حيث إنّ الإمام عليهالسلام علّل الحكم بعدم وجوب الإعادة بإبداء هذا الاحتمال ، أي : احتمال حدوث النجاسة بعد الصلاة ، ثمّ لتقوية هذا الاحتمال قيّد الحكم بعدم الإعادة بكون النجاسة التي رآها رطبة ، وكان الحاصل هو استصحاب الطهارة المقتضي لعدم الإعادة المستفاد من قوله : (فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ). هذا تمام الكلام في تقريب الاستدلال بالصحيحة الثانية على حجيّة الاستصحاب.
ويبقى الكلام في ما يرد على الاستدلال المذكور من وجوه :
منها : ما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(لكن عدم نقض ذلك اليقين بذلك الشكّ إنّما يصلح علّة لمشروعيّة الدخول في العبادة المشروطة بالطهارة مع الشكّ فيها ، وأنّ الامتناع عن الدخول فيها نقض لآثار تلك الطهارة المتيقّنة ، لا لعدم وجوب الإعادة على من تيقّن أنّه صلّى في النجاسة ، كما جزم به السيّد الشارح للوافية).
وحاصل الإيراد ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي والتنكابني ، هو أنّ المطلوب هنا أثران :
أحدهما : ـ وهو المطلوب حين الشروع ـ جواز الدخول في العبادة.