وقد خفي ذلك على بعض المعاصرين ، فزعم جواز إرادة القاعدة والاستصحاب معا ، وأنكر ذلك على صاحب القوانين فقال : «إنّ الرواية تدلّ على أصلين :
أحدهما : إنّ الحكم الأوّلي للأشياء ظاهرا هي الطهارة مع عدم العلم بالنجاسة. وهذا لا تعلّق له بمسألة الاستصحاب.
الثاني : إنّ هذا الحكم مستمرّ إلى زمن العلم بالنجاسة ، وهذا من موارد الاستصحاب وجزئيّاته». انتهى.
أقول : ليت شعري! ما المشار إليه بقوله : «هذا الحكم مستمرّ إلى زمن العلم بالنجاسة»؟ فإن كان هو الحكم المستفاد من الأصل الأوّلي ، فليس استمراره ظاهرا ولا واقعا مغيّا بزمان العلم بالنجاسة ، بل هو مستمر إلى زمن نسخ هذا الحكم في الشريعة.
____________________________________
(وقد خفي ذلك) ، أي : عدم الجامع (على بعض المعاصرين) وهو النراقي قدسسره (فزعم جواز إرادة القاعدة والاستصحاب معا).
وهذا أحد الاحتمالات السبعة في معنى الرواية حيث جمع المرحوم النراقي قدسسره بين القاعدة والاستصحاب ، حيث قال بدلالة الرواية على أصلين ، كما هو مبيّن في المتن ، فراجع.
(أقول : ليت شعري! ما المشار إليه بقوله : «هذا الحكم مستمرّ إلى زمن العلم بالنجاسة»؟).
إذ المراد من الحكم المشار إليه ؛ إمّا الحكم الظاهري المستفاد من الأصل الأوّلي ، أعني : قاعدة الطهارة أو الحكم الواقعي ، وعلى كلا التقديرين لا يصحّ ما ذكره الفاضل النراقي قدسسره من دلالة الرواية على القاعدة والاستصحاب معا.
أمّا على الأوّل ، فلأنّ الرواية تدلّ على قاعدة الطهارة فقط ولا يمكن حملها على الاستصحاب ـ أيضا ـ وذلك لوجهين :
الأوّل : ما أشار إليه قدسسره بقوله :
(فليس استمراره ظاهرا ولا واقعا مغيّا بزمان العلم بالنجاسة ، بل هو مستمر إلى زمن نسخ هذا الحكم في الشريعة).
أي : ليس استمرار الطهارة مغيّا بزمان العلم بالنجاسة حتى يقال بأنّه معنى استصحاب