مع أنّ قوله : (حتى تعلم) إذا جعل من توابع الحكم الأوّل الذي هو الموضوع للحكم الثاني ، فمن أين يصير الثاني مغيّا به؟ إذ لا يعقل كون شيء في استعمال واحد غاية لحكم ولحكم آخر يكون الحكم الأوّل المغيّى موضوعا له ، وإن كان هو الحكم الواقعيّ المعلوم ، يعني : أنّ الطهارة إذا ثبتت واقعا في زمان فهو مستمر ـ في الظاهر ـ إلى زمن العلم بالنجاسة. فيكون الكلام مسوقا لبيان الاستمرار الظاهري في ما علم ثبوت الطهارة له واقعا في زمان.
____________________________________
الطهارة إلى العلم بالنجاسة ، بل مفاد الرواية هو الطهارة المستفادة من قاعدة الطهارة ، ومن المعلوم أنّ ثبوت القاعدة في مورد الشكّ في الطهارة أبديّ لا رافع له إلّا النسخ ، لأنّه إذا علم بالقذارة ينتفي موضوع الحكم الظاهري ، والحكم ينتفي بانتفاء الموضوع ولا يصدق عليه الرفع ، لأنّ معنى رفع الحكم هو رفعه مع بقاء الموضوع ، والحاصل أنّ الرواية تدلّ على قاعدة الطهارة فقط.
والوجه الثاني ـ الذي يرد على تقدير كون المراد من الحكم المشار إليه هو الحكم الظاهري ـ : هو ما أشار إليه قدسسره بقوله :
(مع أنّ قوله : (حتى تعلم) إذا جعل من توابع الحكم الأوّل الذي هو الموضوع للحكم الثاني).
والمراد من الحكم الأوّل هو أصل الطهارة المستفادة من قاعدة الطهارة ، والمراد من الحكم الثاني استمرارها المستفاد من الاستصحاب على الفرض ، ومن الواضح أنّ الحكم الأوّل يكون بمنزلة الموضوع للحكم الثاني ، إذ ما لم يثبت أصل الطهارة لا يعقل الحكم باستمرارها. إذا عرفت هذا يتّضح لك الإشكال بالوجه الثاني.
وحاصل الإشكال : إنّ مقتضى قاعدة الطهارة أن يكون قوله عليهالسلام : (حتى تعلم أنّه قذر) غاية وقيدا للموضوع ، فلا يمكن أن يكون غاية للحكم الثاني ، كما هو مقتضى الاستصحاب ، إذ جعله غاية لكلا الحكمين مستلزم لتقدّم الشيء على نفسه ، وذلك لما عرفت من أنّ الحكم الثاني بمنزلة المحمول بالنسبة إلى الحكم الأوّل الذي هو بمنزلة الموضوع ، فمقتضى جعله قيدا للموضوع هو تقدّمه على كلا الحكمين ، ومقتضى جعله غاية للمحمول هو تأخّره عن المحمول وهو ما ذكرناه من لزوم تقدّم الشيء على نفسه. هذا تمام الكلام فيما إذا كان المراد من الحكم المشار إليه هو الحكم الظاهري ، حيث تدلّ