فالتحقيق أنّ الاستصحاب من حيث هو مخالف للقواعد الثلاث ـ البراءة والحلّ والطهارة ـ وإن تصادقت مواردها.
فثبت من جميع ما ذكرنا : أنّ المتعيّن حمل الرواية المذكورة على أحد المعنيين ، والظاهر إرادة القاعدة ، نظير قوله : (كلّ شيء لك حلال) (١) ، لأنّ حمله على الاستصحاب وحمل الكلام على إرادة خصوص الاستمرار في ما علم طهارته سابقا خلاف الظاهر ، إذ ظاهر الجملة الخبريّة إثبات أصل المحمول للموضوع ، لا إثبات استمراره في مورد الفراغ عن ثبوت أصله.
____________________________________
بحسب المورد مبني على ما عليه المشهور من تمسّكهم كثيرا باستصحاب البراءة.
والتحقيق عند المصنّف قدسسره هو عدم جريان استصحاب البراءة أصلا ، لأنّ نفس الشكّ في التكليف علّة تامّة لحكم العقل بالبراءة من دون حاجة إلى استصحابها أصلا.
وكيف كان (فالتحقيق أنّ الاستصحاب من حيث هو) على ما عرفت (مخالف للقواعد الثلاث) مناطا(وإن تصادقت مواردها) إلّا أنّ تصادقها من حيث المورد لا يكفي في إرادة الاستصحاب وقاعدة الطهارة من أدلّة قاعدة الطهارة ، وكذلك إرادة الاستصحاب وقاعدة الحلّ من روايات الحلّ ، فلا بدّ من حمل الرواية المذكورة إذن ؛ إمّا على الاستصحاب ، أو قاعدة الطهارة.
(والظاهر إرادة القاعدة ، نظير قوله عليهالسلام : (كلّ شيء لك حلال)).
حيث يكون ظاهرا في قاعدة الحلّ ، ثمّ الفرق بين أصالة البراءة والحلّ والإباحة هو أنّ الأوّل يجري في التكليف ، والثاني في الأفعال ، والثالث في الأشياء.
والمتحصّل من الجميع ، أنّ موثّقة عمّار لا تدلّ على حجيّة الاستصحاب بل تدلّ على قاعدة الطهارة ، والمحتملات المتصوّرة في الرواية المذكورة وفي ما يذكره المصنّف قدسسره من قوله عليهالسلام : (الماء كلّه طاهر حتى يعلم أنّه نجس) (٢) سبعة كما في مصباح الاصول :
الأوّل : أن يكون المراد منها الحكم بالطهارة الواقعيّة للأشياء بعناوينها الأوّليّة ، بأن يكون العلم المأخوذ غاية طريقيّا محضا ، والغاية في الحقيقة هو عروض النجاسة ، فيكون المراد
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣١٣ / ٤٠ ، التهذيب ٧ : ٢٢٦ / ٩٨٩. الوسائل ١٧ : ٨٩ ، أبواب ما يكتسب به ، ب ٤ ، ح ٤.
(٢) التهذيب ١ : ٢١٥ / ٦١٩. الوسائل ١ : ١٣٤ ، أبواب الماء المطلق ، ب ١ ، ح ٥.