وبما ذكرنا يظهر سرّ ما أشرنا إليه في المسألة السابقة ، من عدم الجدوى في استصحاب الصحّة لإثبات صحّة العبادة المنسي فيها بعض الأجزاء ، عند الشكّ في جزئيّة المنسي حال النسيان.
وقد يتمسّك لإثبات صحّة العبادة عند الشكّ في طروّ المانع بقوله تعالى : (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ)(١) ، فإنّ حرمة الإبطال إيجاب للمضي فيها ، وهو مستلزم لصحّتها ولو بالإجماع
____________________________________
حكم ما يترتّب عليه من دون واسطة أصلا ، والمقام من هذا القبيل ، حيث إنّ الحكم بعدم وجوب استئناف الأجزاء السابقة أثر شرعي يترتّب على بقاء قابليّة الأجزاء السابقة لإلحاق الباقي بها بواسطة عدم قاطعيّة شيء ، وعدم القاطعيّة واسطة خفية فيعدّ ما يترتّب بها ، كما يترتّب بلا واسطة أصلا.
(فافهم) لعلّه إشارة إلى عدم صحة استصحاب الهيئة الاتصاليّة أصلا ؛ لأنّ المستصحب يجب أن يكون من المجعولات الشرعيّة على نحو مستقل ، كالوجوب والحرمة مثلا ، وليست الهيئة الاتصاليّة كذلك.
ثمّ على فرض عدم كون المستصحب مجعولا شرعا يجب أن يترتّب عليه ما هو مجعول شرعا ، وعدم لزوم الاستئناف ليس أثرا شرعيّا بل هو أثر عقلي ، فيكون الاستصحاب ـ حينئذ ـ مثبتا قطعا.
ومنها : ما أشار إليه قدسسره بقوله :
(وقد يتمسّك لإثبات صحّة العبادة عند الشكّ في طروّ المانع بقوله تعالى : (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ)) ، وقد تقدّم الوجهان لعدم بطلان العبادة بالزيادة.
وهذا هو الوجه الثالث الذي يمكن أن يستدلّ به على صحة العبادة التي شكّ فيها ، إذ تكون الزيادة مانعة عن صحتها.
وحاصل الاستدلال بالآية على الصحة يتوقف على ذكر مقدّمة ، وهي : إنّ الآية المباركة تدلّ على حرمة الإبطال المستلزمة لإيجاب المضي في الاعمال المستلزم لصحتها ، فالمستفاد من الآية هو الملازمة بين حرمة الإبطال المستفادة من النهي وبين إيجاب
__________________
(١) محمّد صلىاللهعليهوآله : ٣٣.