جريانه فيهما ، لأن بقاء الكلّي في الخارج عبارة عن استمرار وجوده الخارجي المتيقّن سابقا وهو معلوم العدم.
وهذا هو الفارق بين ما نحن فيه والقسم الثاني ، حيث إنّ الباقي في الآن اللاحق بالاستصحاب هو عين الوجود المتيقّن سابقا. أو التفصيل بين القسمين ، فيجري في الأوّل ، لاحتمال كون الثابت في الآن اللاحق هو عين الموجود سابقا ، فيتردّد الكلّي المعلوم سابقا بين
____________________________________
ثمّ أشار المصنف قدسسره إلى وجه عدم جريان الاستصحاب مطلقا بقوله :
(لأنّ بقاء الكلّي في الخارج عبارة عن استمرار وجوده الخارجي المتيقّن سابقا وهو معلوم العدم). ووجه عدم جريان الاستصحاب مطلقا يتضح بعد تقديم مقدّمة مشتملة على امور :
الأوّل : إنّ كلّ واحد من اليقين والشكّ يتعلّق بوجود المستصحب لا بماهيّته.
والثاني : إنّ وجود الكلّي في ضمن فرد هو غير وجوده في ضمن فرد آخر.
والثالث : إنّ المناط في الاستصحاب هو عدم الفرق بين ما تعلّق به اليقين ، وما تعلّق به الشكّ إلّا في الزمان ، بأن يكون زمان اليقين قبل زمان الشكّ.
وبعبارة اخرى أن يكون المشكوك نفس المتيقّن ، إذا عرفت هذه المقدّمة يتضح لك وجه عدم جريان الاستصحاب ، وذلك لانتفاء مناط الاستصحاب في هذا القسم ، لأن ما تعلّق به اليقين يكون غير ما تعلّق به الشكّ ، إذ ما تعلّق به اليقين هو وجود الكلّي في ضمن فرد ، وما تعلّق به الشكّ هو وجوده في ضمن فرد آخر ، ثمّ وجود الكلّي في ضمن الأوّل قد انتفى ووجوده في ضمن الثاني غير متيقّن سابقا ، فلا معنى لاستصحابه اصلا.
(وهذا هو الفارق بين ما نحن والقسم الثاني) ، أي : العلم بارتفاع ما تعلّق به اليقين يكون فارقا بين القسم الثالث والقسم الثاني ، حيث يكون الباقي في القسم الثاني عين ما هو الموجود سابقا بخلاف القسم الثالث ، حيث يكون الباقي غير ما هو الموجود سابقا ، لأن متعلّق اليقين في القسم الثاني هو وجود الكلّي في ضمن أحد الفردين لا على التعيين ، ومتعلّق الشكّ هو بقاء عين ما هو المتيقّن سابقا ، فيمكن جريان الاستصحاب لوجود مناطه ، وهذا بخلاف القسم الثالث فإنّ متعلّق اليقين فيه غير متعلّق الشكّ كما مرّ. بقي الكلام في التفصيل ، وقد أشار إليه بقوله :
(أو التفصيل بين القسمين ، فيجري في الأوّل ... إلى آخره).