بل لو قلنا بعدم جريان الاستصحاب في القسمين الأوّلين من الكلّي ، كان الاستصحاب في الأمر العدمي المقارن للوجودات خاليا عن الإشكال إذا لم يرد به إثبات الموجود المتأخّر المقارن له ، نظير إثبات الموت حتف الأنف بعدم التذكية أو ارتباط الموجود المقارن له به.
كما إذا فرض الدليل على أنّ كلّ ما تقذفه المرأة من الدم إذا لم يكن حيضا فهي استحاضة ، فإنّ استصحاب عدم الحيض في زمان خروج الدم المشكوك لا يوجب انطباق
____________________________________
(بل لو قلنا بعدم جريان الاستصحاب في القسمين الأوّلين من الكلّي).
والمراد بالقسمين الأوّلين هو القسمان الأوّلان من أصل أقسام استصحاب الكلّي لا من القسم الثالث منه ، لما عرفت من أنّ الحقّ عند المصنّف ـ في أقسام القسم الثالث ـ هو التفصيل بين القسم الأوّل فيجري الاستصحاب فيه ، وبين القسم الثاني المنقسم إلى القسمين ، فلا يجري فيه الاستصحاب.
وكيف كان ، فجريان الاستصحاب في الأمر العدمي المقارن للوجودات يكون خاليا عن الإشكال إذا اريد به إثبات نفس الأمر العدمي كعدم التذكية ، و (لم يرد به إثبات الموجود المتأخّر) حتى يردّ عليه بوجهين :
أحدهما : إنّه أصل مثبت حينئذ.
وثانيهما : إنّه معارض بأصالة عدم هذا الموجود المتأخّر.
وبالجملة إنّ الأصل المذكور مثبت (نظير إثبات الموت حتف الأنف بعدم التذكية) ، حيث يكون أصل عدم التذكية حينئذ مثبتا ، ونظير ارتباط الموجود المقارن للأمر العدمي به حيث يكون استصحاب العدم لارتباط الموجود المقارن له به مثبتا.
والحاصل أنّه يجوز استصحاب الأمر العدمي إذا اريد إثبات نفسه لا إثبات الموجود المتأخّر المشكوك ، ولا إثبات الربط بينه وبين الموجود المتأخّر المعلوم على ما في شرح الاعتمادي.
(كما إذا فرض الدليل على أنّ كلّ ما تقذفه المرأة من الدم إذا لم يكن حيضا فهي استحاضة ، فإنّ) المرأة إذا كانت طاهرة من الدم ثمّ رأت الدم وشكّت في كون ذلك الدم حيضا.
فحينئذ(استصحاب عدم الحيض في زمان خروج الدم المشكوك لا يوجب انطباق هذا