معروف ، وليس له في الأخبار ذكر حتى يتعرّض لمعناه في زمان صدور تلك الأخبار ، بل هو اصطلاح خاصّ للفقهاء ، وقد اختلفوا في تعريفه بين من قال : بأنّه ما تبطل العبادة بنقصه عمدا وسهوا ، وبين من عطف على النقص زيادته ، والأوّل أوفق بالمعنى اللّغوي والعرفي.
وحينئذ فكلّ جزء ثبت في الشرع بطلان العبادة بالإخلال في طرف النقيصة أو فيه وفي طرف الزيادة ، فهو ركن.
____________________________________
(وجوه لا يعرف الحقّ منها إلّا بعد معرفة معنى الركن) ، فإن قلنا بأنّ معناه ما يبطل العمل بنقصه مطلقا ، أي : عمدا كان أو سهوا ، فالحقّ هو الاحتمال الأوّل ، أي : مقتضى الأصل هو الركنيّة ، وإن قلنا بأنّ معناه ما يبطل العمل بنقصه وزيادته عمدا وسهوا ، فالحقّ هو الوجه الأخير ، أي : التبعيض ، هكذا عن شرح الاعتمادي بتصرّف.
(فنقول : إنّ الركن في اللغة والعرف معروف).
حيث إنّ معناه في اللغة : ما يعتمد عليه الشيء ، وفي الصحاح : ركن الشيء جانبه الأقوى.
وفي العرف : ما يكون به قوام الشيء ، وفي بحر الفوائد : الركن مصدر ركن يركن بمعنى الاعتماد ، وقد يطلق على ما به قوام الشيء ، وليس له في الكتاب والسنة ذكر ، حتى نتعرض لمعناه في زمان تعلّق الحكم به من الشارع.
(بل هو اصطلاح خاصّ للفقهاء) ، فلا بدّ من البحث عن معناه عندهم ، وإلّا فالركن بمعناه العرفي يطلق على جميع الأجزاء ، وأمّا الركن عند الفقهاء ففيه احتمالات ذكر المصنّف قدسسره احتمالين منها :
أحدهما : ما أشار إليه بقوله : (بأنّه ما تبطل العبادة بنقصه عمدا وسهوا).
وثانيهما : ما أشار إليه بقوله : (وبين من عطف على النقص زيادته) ، أي : الركن ما تبطل العبادة بنقصه وزيادته عمدا وسهوا. ثمّ قال قدسسره :
(والأوّل أوفق بالمعنى اللّغوي والعرفي) ، فإنّ ركن البناء ممّا يكون نقصه وفقدانه سببا لانهدامه لا زيادته ، بل الزيادة موجبة للاستحكام.
والاحتمال الثالث : إنّ الركن ما تقوّمت به الماهيّة ، وغيره ما لم تنتف الماهيّة بانتفائه ، وهذا المعنى مطابق لما تقدّم من المعنى العرفي.