وحينئذ ، فإن كان لأحد الظاهرين مزية وقوّة على الآخر ـ بحيث لو اجتمعا في كلام واحد ، نحو : رأيت أسدا يرمي ، أو اتّصلا في كلامين لمتكلّم واحد تعيّن العمل بالأظهر وصرف الظاهر إلى ما لا يخالفه ـ كان حكم هذا حكم القسم الثاني في أنّه إذا تعبّد بصدور الأظهر يصير قرينة صارفة للظاهر من دون عكس.
نعم ، الفرق بينه وبين القسم الثاني : إنّ التعبّد بصدور النصّ لا يمكن إلّا بكونه صارفا
____________________________________
يحصل برفع اليد عن ظاهر أحدهما. وحينئذ ، فإن كان لأحد الظاهرين مزيّة وقوّة على الآخر نحو يجب غسل الجمعة وينبغي غسل الجمعة حيث يكون ظهور الأوّل في الوجوب أقوى من ظهور الثاني في الاستحباب بحيث لو اجتمعا في كلام واحد نحو : رأيت أسدا يرمي ، أو اتّصلا في كلامين لمتكلّم واحد كالصدر والذيل في آية النبأ (١) ، تعيّن العمل بالأظهر وصرف الظاهر إلى ما لا يخالفه ، كان حكم هذا حكم القسم الثاني ، أعني : تعارض النصّ والظاهر.
توضيح ذلك على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي : إنّه لو حصل التعارض بين لفظين في كلام واحد وكان لأحدهما قوّة كما في مثال رأيت أسدا يرمي ، فإنّ «الأسد» ظاهر في المفترس ، و «يرمي» أظهر في الرجل الشجاع ، لاشتهار استعمال الرمي في رمي النبل الذي لا يصدر من المفترس إلّا بفرض تعليمه ، أو حصل التعارض بين كلامين متّصلين مثل أنّ صدر آية النبأ ظاهر في حجيّة خبر العدل وذيلها أظهر في عدم اعتبار كلّ ما فيه احتمال الندم ، يحمل الظاهر على الأظهر بحكم العرف القطعي ، فلو حصل التفاوت بين متعارضين منفصلين بمزيّة أحدهما على الآخر فلا بدّ ـ أيضا ـ من كونهما في حكم الظاهر والنصّ.
في أنّه إذا تعبّدنا بصدور الأظهر يصير قرينة صارفة للظاهر من دون عكس.
لأنّ الأظهر قرينة بحكم العرف لصرف الظاهر فقط ، فرفع اليد عن الظاهر من آثار حجيّة الأظهر ، فيكون الشكّ في إرادة الظاهر مسبّبا عن الشكّ في التعبّد بسند الأظهر ، فيكون دليل الأظهر حاكما على دليل الظاهر ، كما مرّ في النصّ على ما في شرح الاعتمادي.
__________________
(١) الحجرات : ٦.