في الصدق والكذب.
ومثل هذا غير جار في أدلّة الأحكام الشرعيّة. والتحقيق : إنّ العمل بالدليلين بمعنى
____________________________________
السكوني (١) في وديعة الدراهم والإجماع كالمثال الأوّل في كلام الشهيد رحمهالله أم لا؟ بل يرجع إليه في كلّ مورد انتفت فيه الموازين المسلّمة وكان قابلا للتبعيض. وهذا الموضع خارج عن محلّ البحث.
وإنّما الكلام في الموضع الثاني وهو أنّه هل يجب الجمع بين البيّنات بالتنصيف أم لا؟ ، مثلا إذا ادّعيا دارا فإن كان لأحدهما بيّنة سليمة أو راجحة يحكم له ، وكذا لو حلف أحدهما دون الآخر ، وإن لم يكن هناك بيّنة أصلا وحلفا معا أو نكلا معا قيل بالتنصيف جمعا بين الحقّين ، وقيل بالقرعة لأنّها لكلّ أمر مشكل ، وإن أقاما بيّنة فإن كان أحدهما ذا اليد ، قيل ترجّح بيّنة الداخل وقيل بيّنة الخارج ، وإن كانا معا ذا اليد وجب التنصيف ، كما مرّ.
وإن لم يكن هناك ذو اليد فإن ثبت وجوب الجمع ينصّف وإلّا تساقطا ، فإمّا يرجع إلى التنصيف أو إلى القرعة.
وبالجملة ، الكلام في وجه أولويّة الجمع العملي المستلزم للمخالفة القطعيّة لمقتضى الدليلين ، لأنّ الدليل الواحد لا يتبعّض في الصدق والكذب.
قوله : لأنّ الدليل الواحد لا يتبعّض ... إلى آخره ، تعليل لقوله : المستلزم للمخالفة القطعيّة ... إلى آخره.
وتوضيح ذلك : إنّ الدار في المثال المتقدّم وإن كان قابلا للتبعيض ومحتملا بالفرض للاشتراك بين زيد وعمرو مثلا ، إلّا أنّ الخبر لا يقبل التبعيض ، لأنّ البيّنة إنّما تخبر عن كون تمام الدار لزيد مثلا ، وهذا الخبر إمّا صادق بأن يكون تمامها له ، وإمّا كاذب ، بأن يكون تمامها أو بعضها لغيره. وكذا بيّنة عمرو ، فحينئذ يكون التنصيف مخالفة قطعيّة لهما ، وإن كان التنصيف مطابقا للواقع بأن تكون الدار مشتركة بينهما.
ومثل وهذا أي : الجمع العملي غير جار في أدلّة الأحكام الشرعيّة وذلك لما يأتي
__________________
(١) التهذيب ٧ : ١٨١ / ٧٩٧.