ويؤيّده ورود الأمر بالجمع بين الحقّين بهذا النحو في رواية السكوني (١) المعمول بها في من أودعه رجل درهمين وآخر درهما فامتزجا بغير تفريط وتلف أحدهما. هذا ولكنّ الإنصاف : إنّ الأصل في موارد تعارض البيّنات وشبهها هو القرعة.
نعم ، يبقى الكلام في كون القرعة مرجّحة للبيّنة المطابقة لها أو مرجعا بعد تساقط البيّنتين ، وكذا الكلام في عموم موارد القرعة أو اختصاصها بما لا يكون هناك أصل عملي ،
____________________________________
ويؤيّده ورود الأمر بالجمع بين الحقّين بهذا النحو في رواية السكوني المعمول بها في من أودعه رجل درهمين وآخر درهما فامتزجا بغير تفريط وتلف أحدهما فإنّها تفيد كلّية الحكم بتنقيح المناط.
هذا ولكنّ الإنصاف فساد الوجهين :
أمّا الأوّل ـ أعني : الجمع بين الحقّين ـ فمجرّد استحسان لا يثبت وجوب الجمع ، وأمّا التقرير الآخر الذي ذكرناه ، ففيه : إنّه بناء على سببيّة الأمارات لا بدّ من التنصيف لامتناع العمل بهما ، أو ترجيح أحدهما ، وأمّا بناء على طريقيّتها كما هو الحقّ لا محذور في طرح البيّنتين والرجوع إلى التنصيف أو القرعة أو الحلف.
وأمّا الثاني ، فلأنّ تنقيح المناط القطعي منتف والظنّ لا يفيد ، لكونه قياسا باطلا ، كما في شرح الاعتمادي مع تصرّف منّا ، فالظاهر أنّ الأصل في موارد تعارض البيّنات وشبهها كأهل الخبرة هو القرعة ، وذلك لعموم القرعة لكلّ أمر مشكل ، ما لم يكن المورد من الموارد التي أعرض الأصحاب فيها عن الرجوع إلى القرعة ، وأمّا التنصيف فهو خلاف الأصل ، يقتصر فيه على مورد النصّ والإجماع.
نعم ، يبقى الكلام في كون القرعة مرجّحة للبيّنة المطابقة لها أو مرجعا بعد تساقط البيّنتين وفرضهما كأن لم يكونا ، وقد يقال بانحصار ترجيح البيّنة بالمنصوص ، كالأعدليّة والأكثريّة والداخليّة والخارجيّة على ما في شرح الاعتمادي.
وقد يقال بأنّها ترجّح بكلّ مرجّح ، إلّا أنّ القرعة لا تصلح مرجّحة لها ، لأنّها أمر تعبّدي ، والبيّنة أمارة ظنيّة ، وقد يقال بأنّها ترجّحها ووجهه ظاهر.
__________________
(١) التهذيب ٧ : ١٨١ / ٧٩٧.