المقام الأوّل
في المتكافئين
والكلام فيه : أوّلا : في أنّ الأصل في المتكافئين التساقط وفرضهما كأن لم يكونا أوّلا ، ثمّ اللّازم ـ بعد عدم التساقط ـ الاحتياط أو التخيير ، أو التوقّف ، والرجوع إلى الأصل المطابق لأحدهما دون المخالف لهما ، لأنّه معنى تساقطهما ، فنقول ، وبالله المستعان :
____________________________________
المقام الأوّل في المتكافئين
قبل الخوض في المقصود نذكر أمرين : أحدهما : إمكان التكافؤ بين الأمارتين ، وثانيهما : وجه تقديم بحث التعادل على الترجيح.
أمّا الأوّل ، فلا خلاف ولا إشكال في جواز تكافؤ الأمارتين الشرعيّتين ووقوعه في الشرع ، وذلك أنّا لو سلّمنا عدم وقوعه في الأخبار الموجودة فيما في أيدينا من الكتب ، إلّا أنّه ربّما يقع بين فتوى مجتهدين مع تساويهما من جميع الجهات ، وكذا بين البيّنات ، فإنكار ذلك مخالفة للعيان ، بل مكابرة للوجدان.
وأمّا الثاني ، أعني : تقديم بحث التعادل على الترجيح ، فلوجهين :
الأوّل : كونه قليل البحث ، والثاني : كونه أمرا عدميّا ؛ لكونه عبارة عن عدم الترجيح ، والأمر العدمي من حيث الطبع مقدّم على الأمر الوجودي.
هذا تمام الكلام في الأمرين. ثمّ يقع الكلام فيما هو مقتضى الأصل الأوّلي والقاعدة الأوّلية ـ أي : مع قطع النظر عن الأخبار العلاجيّة ـ في المتكافئين هل هو التساقط ، كما هو مذهب بعض العامّة أم لا؟ وعلى الثاني وفساد القول بالتساقط هل هو الاحتياط ، كما قال به بعض الأخباريين أو التخيير الشرعي أو العقلي أو التوقّف؟ والأخير هو مختار المصنف قدسسره ، كما يأتي في كلامه ، كما أنّ التخيير هو المنسوب إلى المشهور.
ومعنى التوقّف هو تساقط المتعارضين بالنسبة إلى خصوص مؤدّيهما لا بالنسبة إلى نفي الثالث ، فينفى بهما الأصل الثالث المخالف لهما ، فيرجع إلى الأصل المطابق لأحدهما