قد يقال ، بل قيل : إنّ الأصل في المتعارضين عدم حجيّة أحدهما ، لأنّ دليل الحجيّة مختصّ بغير صورة التعارض.
____________________________________
دون المخالف لهما ؛ لأنّ الرجوع إلى ما يخالفهما إنّما يصحّ في فرض تساقطهما لا في فرض التوقّف.
ومن هنا يظهر الفرق بين التساقط والتوقّف ، حيث يكون التساقط فرض المتعارضين كالعدم ، فيرجع إلى الأصل سواء موافقا لأحدهما أو مخالفا لهما.
ومعنى التوقّف هو تساقطهما في وجوب العمل بكلّ منهما واشتراكهما في نفي الأصل الثالث ، فيرجع إلى الأصل الموافق لأحدهما إن كان ، وإلّا فلا بدّ من الرجوع إلى القواعد الأخر.
ففي تعارض دليلي وجوب غسل الجمعة وعدمه يرجع إلى البراءة الموافقة لأحدهما ، من دون فرق بين القول بالتساقط أو التوقّف.
وفي تعارض دليلي بقاء نجاسة الماء بعد زوال تغيّره بنفسه وعدمه يرجع إلى استصحاب النجاسة الموافق لأحدهما ، من دون فرق بين القولين المذكورين ، وفي تعارض وجوب فعل ووجوب فعل آخر يرجع القائل بالتوقّف إلى اختيار أحد الاحتمالين تخييرا ، والقائل بالتساقط إلى البراءة المخالفة لهما.
وكيف كان ، فقد أشار إلى القول بالتساقط بقوله :
قد يقال ، بل قيل : إنّ الأصل الأوّلي مع قطع النظر عن أخبار العلاج في المتعارضين عدم حجيّة أحدهما ، لأنّ دليل الحجيّة مختصّ بغير صورة التعارض.
ثمّ وجه التساقط على ما في تقرير سيّدنا الاستاذ دام ظلّه ، هو أنّ الاحتمالات في شمول أدلّة الحجيّة وعدم شمولها بالنسبة إلى المتعارضين المتكافئين ثلاثة :
الأوّل : شمولها لهما معا.
والثاني : عدم شمولها لشيء منهما.
والثالث : شمولها لأحدهما دون الآخر.
لا يمكن المصير إلى الاحتمال الأوّل لعدم إمكان التعبّد بالمتعارضين ، فإنّ التعبّد بهما يرجع إلى التعبّد بالمتناقضين ، وهو غير معقول ، وكذا الاحتمال الأخير ، لبطلان الترجيح