التوقف ، لا حكما واقعيّا ناشئا من تزاحم الواجبين ، بل الأخبار المشتملة على الترجيحات وتعليلاتها أصدق شاهد على ما استظهرناه ، من كون حجيّة الأخبار من باب الطريقيّة ، بل هو أمر واضح.
ومراد من جعلها من باب الأسباب عدم إناطتها بالظنّ الشخصي ، كما يظهر من صاحب المعالم رحمهالله ، في تقرير دليل الانسداد.
____________________________________
وحاصل الدفع أنّ أخبار التخيير لا تدلّ على اعتبار الأمارات من باب السببيّة ، وذلك لقوّة احتمال أن يكون التخيير المستفاد منها حكما ظاهريّا عمليّا في مورد التوقف ، لا حكما واقعيّا ناشئا من تزاحم الواجبين.
وحاصل المطلب على ما في شرح الاعتمادي أنّ التخيير المحكوم به في هذه الأخبار لا يلزم أن يكون تخييرا واقعيّا عقليّا لتزاحم السببين ، بل يحتمل كونه حكما تعبّديّا قائما مقام التوقف الذي هو مقتضى القاعدة بناء على الطريقيّة. ووجه قوّة هذا الاحتمال أمران :
أحدهما : إنّه بناء على السببيّة يحكم بالتخيير ابتداء ، لا مع انتفاء المرجّح ، إذ الترجيح في باب التزاحم إنّما هو بالأهميّة لا بهذه المرجّحات.
ثانيهما : ما أشار إليه بقوله : بل الأخبار المشتملة على الترجيحات وتعليلاتها أصدق شاهد على ما استظهرناه ، من كون حجيّة الأخبار من باب الطريقيّة ، بل هو أمر واضح.
فإنّ ذكر المرجّحات إنّما هو لتحصيل ما هو الأقرب إلى الواقع ، والتعليلات صريحة في ذلك :
كقوله عليهالسلام : فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه (١).
وقوله عليهالسلام : ما خالف العامّة ففيه الرشاد (٢).
ونفس أدلّة الاعتبار ظاهرة في ذلك ، حيث اعتبر فيها العدالة والوثاقة ، وبالجملة ظهور التعليلات والترجيحات واعتبار العدالة والوثاقة في طريقيّة الأمارات أقوى من ظهور الحكم بالتخيير في سببيّتها ، فيحمل التخيير على ما ذكرناه من كونه حكما ظاهريا.
ومراد من جعلها ، أي : الحجيّة من باب الأسباب عدم إناطتها ، أي : الحجيّة بالظنّ
__________________
(١) الكافي ١ : ٦٧ / ١٠. الوسائل ٢٧ : ١٠٦ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١.
(٢) الكافي ١ : ٦٧ / ١٠. الوسائل ٢٧ : ١٠٦ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١.