المتحيّر بعد الالتزام بأحدهما. وأمّا العقل الحاكم بعدم جواز طرح كليهما ، فهو ساكت من هذه الجهة ، والأصل عدم حجيّة الآخر بعد الالتزام بأحدهما ، كما تقرّر في دليل عدم جواز
____________________________________
بعد الالتزام بأحدهما.
وحاصل الكلام في المقام على ما في شرح الاعتمادي أنّ التحيّر في ابتداء الأمر مغاير للتحيّر بعد الأخذ ؛ لأنّ التحيّر في الابتداء إنّما هو في أنّ الوظيفة هو التخيير أو أمر آخر ممّا مرّ ، والتحيّر بعد الأخذ إنّما هو في أنّ التخيير ابتدائي أو استمراري ، والأخبار مسوقة لبيان حكم المتحيّر في الابتداء ، لأن المسئول عنه هو حكم من اتفق له التعادل فتحيّر ، فهي ساكتة عن حكم المتحيّر بعد الأخذ.
قال المحقّق الهروي صاحب الكفاية في المقام ما هذا نصّه : الأولى أن يقال : إنّها ـ أعني : أخبار التخيير ـ مسوقة لبيان حكم المتحيّر ، وهو الذي ليس له الوصول إلى مقصده طريق الفعل ، بسبب تعارض ما عنده من الخبرين ، إذ حكمهما ـ بحسب الأصل كما عرفت بما لا مزيد عليه ـ سقوطهما من الجانبين ، كأنّه لم يكن بالنسبة إلى مؤدّى كلّ منهما بالخصوص خبر أصلا في البين.
ولا ريب أنّه بعد ما أخذ بما عيّن له من الحجّة ـ وهو ما اختاره من الخبرين ـ يخرج من عنوان من لم يكن عنده الحجّة ، وكان متحيّرا في أمره في الوصول إلى مقصده. انتهى.
وأمّا العقل الحاكم بعدم جواز طرح كليهما.
أي : إن كان دليل التخيير هو العقل ، بأن يقال : إنّ العقل حاكم بالتخيير مطلقا عند تعارض مطلق الأمارات ، فإنّه يقال : إنّ العقل وإن كان حاكما على التخيير إلّا أنّه ساكت عن كون التخيير استمراريا ، كما أشار إليه بقوله :
فهو ساكت من هذه الجهة ، لقيام احتمال تعيّن ما أخذ.
قوله : والأصل عدم حجيّة الآخر بعد الالتزام بأحدهما ... إلى آخره.
دفع لما يتوهّم من أنّ الأمر هنا دائر بين التعيين ، وهو تعيّن ما أخذه أولا وبين التخيير ، والأصل في دوران الأمر بين التعيين هو البراءة عن التعيين ، ولازم ذلك هو التخيير الاستمراري.
وحاصل الدفع أنّه لا نسلّم أنّ الأصل في دوران الأمر بين التعيين والتخيير هو البراءة