إنّا إن قلنا بأنّ العمل بأحد المتعارضين ـ في الجملة ـ مستفاد من حكم الشارع به بدليل الإجماع والأخبار العلاجيّة ، كان اللّازم الالتزام بالراجح وطرح المرجوح ، وإن قلنا بأصالة البراءة عند دوران الأمر في المكلّف به بين التعيين والتخيير ، لما عرفت من أنّ الشكّ في جواز العمل بالمرجوح فعلا ، ولا ينفع وجوب العمل به عينا في نفسه مع قطع النظر عن المعارض ، فهو كأمارة لم تثبت حجيّتها أصلا.
وإن لم نقل بذلك ، بل قلنا باستفادة العمل بأحد المتعارضين من نفس أدلّة العمل بالأخبار ، فإن قلنا بما اخترناه من أنّ الأصل التوقف ، بناء على اعتبار الأخبار من باب
____________________________________
وقد أشار إلى هذه التفاصيل بقوله :
إنّا إن قلنا بأنّ العمل بأحد المتعارضين في الجملة ، أي : مع قطع النظر عن وجوب الترجيح وعدمه مستفاد من حكم الشارع به بدليل الإجماع والأخبار العلاجيّة ، بمعنى أنّه لو لا الدليل الخارجي لحكمنا بتساقطهما وعدم شمول دليل الحجيّة لهما.
كان اللّازم الالتزام بالراجح وطرح المرجوح من دون فرق بين سببيّة الأمارات وطريقيّتها.
وإن قلنا بأصالة البراءة عند دوران الأمر في المكلّف به بين التعيين والتخيير ، لما عرفت من أنّه إذا فرضنا كون الإجماع والأخبار العلاجيّة مجملا من حيث الدلالة على اعتبار المزيّة وعدمه يحصل الشكّ في جواز العمل بالمرجوح فعلا ، ولا ينفع وجوب العمل به عينا في نفسه ، أي : مع قطع النظر عن المعارض ، فهو كأمارة لم تثبت حجيّتها أصلا.
فكما أنّه لو شكّ في أصل حجيّة شيء يكون التعبّد به تشريعا ، كذلك إذا شكّ في الحجيّة الفعليّة للمرجوح ، كما في شرح الأستاذ الاعتمادي.
وإن لم نقل بذلك ، بل قلنا باستفادة العمل بأحد المتعارضين من نفس أدلّة العمل بالأخبار.
غاية الأمر يكون العمل بواحد منهما تخييرا مطلقا على السببيّة ، بمعنى أنّ أدلّة الحجيّة يشملهما بشرط القدرة وكلّ منهما بدون الآخر مقدور ، فيجب العمل بأحدهما أو مع عدم وجود الأصل المطابق لأحدهما ، كما هو مقتضى الطريقيّة.