«إنّ الجواب عن الكلّ ما أشرنا إليه ، من أنّ الأصل التوقف في الفتوى والتخيير في العمل إن لم يحصل من دليل آخر العلم بعدم مطابقة أحد الخبرين للواقع ، وأنّ الترجيح هو الأفضل والأولى».
ولا يخفى بعده عن مدلول أخبار الترجيح ، وكيف يحمل الأمر بالأخذ بمخالف العامّة وطرح ما وافقهم على الاستحباب ، خصوصا مع التعليل (بأنّ الرشد في خلافهم) (١) ، وأنّ
____________________________________
تقيّة من سلطان لا يبالي بالدين ، كالوليد المستخفّ بالقرآن والمتوكّل المصرّح بعداوة الزهراء عليهاالسلام. وفيه أنّه لو فرض أحدهما موافقا لميل الحكّام ومخالفا للعامّة ، والآخر موافقا لهم وللكتاب ، فكلّ منهما راجح من جهة ومرجوح من جهة ، فيخرج عن البحث.
ومنها : إنّ العرض على الكتاب إن اريد منه العرض على نصّه فلا ثمرة فيه ، للاستغناء ـ حينئذ ـ عن الدليل ، وإن اريد العرض على ظاهره فلا يوجب الرجحان ، لاحتمال إرادة خلاف الظاهر ؛ فيكون الخبر المخالف لظاهره موافقا للواقع. وفيه : أنّ المراد أعمّ من نصّه وظاهره ، وموافقة الظاهر توجب الرجحان بالوجدان.
ومنها : الاكتفاء في بعض الأخبار بذكر بعض المرجّحات. وفيه : أنّ مقصوده عليهالسلام بيان ترجيح ذي المزيّة ، وذكره من باب المثال أو علم عليهالسلام بفرض السائل التساوي من سائر الجهات.
ومنها : اختلاف ترتيب المرجّحات ، كتقديم الشهرة في البعض وتقديم السند في الآخر. ثمّ التفصيل موجود في الأوثق.
إنّ الجواب عن الكلّ ما أشرنا إليه ، من أنّ الأصل التوقف في الفتوى بأحدهما المعيّن والتخيير في العمل إن لم يحصل من دليل آخر ـ كموافقة المذهب ـ العلم بعدم مطابقة أحد الخبرين للواقع ، وأنّ الترجيح هو الأفضل والأولى.
والشاهد هو هذا الكلام من السيّد الصدر ، حيث يكون صريحا في استحباب الترجيح.
ويردّه المصنف قدسسره بقوله : ولا يخفى بعده ، أي : الاستحباب عن مدلول أخبار الترجيح ، وكيف يحمل الأمر بالأخذ بمخالف العامّة وطرح ما وافقهم على الاستحباب؟!.
__________________
(١) الكافي ١ : ٦٨ / ١٠. والفقيه ٣ : / ١٨. الوسائل ٢٧ : ١٠٧ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١.