قال : (ينظر إلى ما هم أميل إليه حكّامهم وقضاتهم ، فيترك ويؤخذ بالآخر).
قلت : فإن وافق حكّامهم الخبرين جميعا؟ قال : (إذا كان ذلك فأرجه حتى تلقى إمامك ، فإنّ الوقوف عند الشّبهات خير من الاقتحام في الهلكات) (١).
وهذه الرواية الشريفة وإن لم تخل عن الإشكال بل الاشكالات ، من حيث ظهور صدرها في التحكيم لأجل فصل الخصومة وقطع المنازعة.
____________________________________
(قال : (ينظر إلى ما هم أميل إليه حكّامهم وقضاتهم ، فيترك ويؤخذ الآخر).
فلو فرضنا أنّ الخبرين موافقان للكتاب والسنّة والعامّة ، إلّا أنّ أحدهما موافق لميل السلطان الجائر والمنصوب من قبله والآخر مخالف له ؛ فيؤخذ المخالف لميلهم.
(قلت : فإن وافق حكّامهم الخبرين جميعا؟ قال : (إذا كان ذلك فأرجه)) ، أي : أخّر تعيين الحكم (حتى تلقى إمامك) ، والمقصود هو الأمر بالتأخير إلى لقاء الإمام عليهالسلام. هذا تمام الكلام في نقل الرواية الاولى.
وقد أشار إلى ما يرد على هذه الرواية بقوله :
(وهذه الرواية الشريفة وإن لم تخل عن الإشكال بل الإشكالات).
يرجع ما ذكره المصنف قدسسره إلى وجوه ثلاثة ، ثمّ بيان إجمال الوجوه الثلاثة قبل تفصيلها في المتن هو أن يقال :
أوّلا : إنّ ظاهر الرواية هو التحكيم والحكومة لأجل فصل الخصومة ، وقطع المنازعة لا استعلام حكم المسألة ، فيردّ عليه ما ي تي من امور.
وثانيا : إنّ ظاهرها تقديم الترجيح بالصفات على الشهرة وهو خلاف السيرة.
وثالثا : إنّ ظاهرها كون المرجّح هو مجموع الأعدليّة وأخواتها ، وقد أطبقوا على كفاية كلّ واحد. هذا تمام الكلام في الوجوه الثلاثة إجمالا.
أمّا بيانها تفصيلا ، فقد أشار إلى الوجه الأوّل بقوله : (من حيث ظهور صدرها في التحكيم لأجل فصل الخصومة).
توضيح الإشكال يتوقف على مقدّمة وهي : إنّ رجوع المتخاصمين إلى رجلين
__________________
(١) الكافي ١ : ٦٧ / ١٠. الفقيه ٣ : ٥ / ١٨. الوسائل ٢٧ : ١٠٦ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١.