الثالث : إنّه لو لم يبن على تقديم الاستصحاب في الشكّ السببي كان الاستصحاب قليل الفائدة جدّا.
لأنّ المقصود من الاستصحاب غالبا ترتيب الآثار الثابتة للمستصحب. وتلك الآثار إن
____________________________________
الثوب مسبّب عن الشكّ في طهارة الماء وهو يوجب التفاوت في شمول لا تنقض ، حيث إنّ شموله للشكّ السببي يوجب المنع عن شموله للآخر من باب الحكومة ، وعكسه تخصيص بلا دليل ، مضافا إلى أنّه إذا دار الأمر بين التخصيص والتخصّص تكون أصالة عموم اللفظ نحو لا تنقض اليقين ... إلى آخره قاضيا بالثاني ، وليس في دليل الانسداد عموم لفظي يقضي ذلك.
الثالث : إنّه لو لم يبن على تقديم الاستصحاب في الشكّ السببي كان الاستصحاب قليل الفائدة جدّا.
وتوضيح هذا الوجه الثالث لتقديم الأصل السببي على المسبّبي يحتاج إلى مقدمة ، وهي :
إنّ الاستصحاب إنّما يجري ويعتبر فيما إذا كان المستصحب حكما شرعيّا أو موضوعا يترتّب عليه الحكم الشرعي ، ثمّ القسم الأوّل قليل جدّا ، والقسم الثاني على قسمين :
أحدهما : إنّ ما يترتّب على المستصحب من الأثر الشرعي يكون ثابتا في السابق ، كوجوب نفقة الزوجة المترتّب على استصحاب بقاء حياة الزوج.
وثانيهما : إنّ ما يترتّب على المستصحب لم يكن ثابتا في السابق ، بل كان معدوما في السابق كطهارة الثوب النجس المترتّبة على استصحاب طهارة الماء وتوريث الابن المترتّب على استصحاب بقاء حياة الأب.
إذا عرفت هذه المقدّمة فنقول : إنّ كون المستصحب حكما شرعيّا كاستصحاب وجوب الصوم عند الشكّ في مسوّغ الإفطار قليل جدّا ، واستصحاب نفس الحكم فيما إذا كان الحكم الشرعي المترتّب على استصحاب الموضوع ثابتا في السابق يغنينا عن استصحاب الموضوع ، فاستصحاب وجوب نفقة الزوجة يكفي عن استصحاب بقاء حياة الزوج ، فيبقى ما إذا لم يكن الأثر الشرعي موجودا في السابق فيما إذا كان المستصحب موضوعا ، كما أشار إليه بقوله :