منها : الترجيح بالأصدقيّة في المقبولة (١) وبالأوثقيّة في المرفوعة (٢) ، فإنّ اعتبار هاتين الصفتين ليس إلّا لترجيح الأقرب إلى مطابقة الواقع في نظر الناظر في المتعارضين ، من حيث إنّه أقرب من غير مدخليّة خصوصيّة سبب ، وليستا كالأعدليّة والأفقهيّة تحتملان لاعتبار الأقربيّة الحاصلة من السبب الخاصّ.
____________________________________
غير المنصوصة ، فلا يجب الاقتصار على المرجّحات المنصوصة ، ثمّ ذكر في وجه ما ذهب إليه من التعدّي وجوها :
الوجه الأوّل : ما أشار إليه بقوله : منها : الترجيح بالأصدقيّة في المقبولة وبالأوثقيّة في المرفوعة ، فإنّ اعتبار هاتين الصفتين ليس إلّا لترجيح الأقرب.
وحاصل الوجه الأوّل هو أنّ في جعل الإمام عليهالسلام مثل الأصدقيّة والأوثقيّة مرجّحا لإحدى الروايتين دلالة على أنّ المناط في الترجيح بهما كونهما موجبة لأقربيّة إحداهما للواقع ، فيجوز التعدّي إلى كلّ ما فيه هذا المناط ، فذكر الصفتين ليس لموضوعيّة فيهما ، بل لترجيح الأقرب.
إلى مطابقة الواقع في نظر الناظر في المتعارضين ، من حيث إنّه أقرب من غير مدخليّة خصوصيّة سبب ، وليستا كالأعدليّة والأفقهيّة تحتملان لاعتبار الأقربيّة الحاصلة من السبب الخاصّ.
بأن يكون لكلّ من الأعدليّة والأفقهيّة موضوعيّة في باب الترجيح ، كما أنّ للعدالة موضوعيّة في باب الشهادة وللفقاهة موضوعيّة في باب التقليد.
وحاصل الكلام أنّ هذه الأوصاف الأربعة ، وإن كانت مشتركة في أنّها موجبة لأقربيّة الخبر إلى الواقع ، إلّا أنّ وجوب الترجيح بالأعدليّة والأفقهيّة لا يفيد كبرى كلّيّة ، أعني : وجوب الترجيح بكلّ ما يوجب الأقربيّة ، وذلك لما عرفت من احتمال موضوعيّة خصوص الأقربيّة الحاصلة من الأعدليّة والأفقهيّة.
وهذا بخلاف وجوب الترجيح بالأصدقيّة والأوثقيّة ، حيث يفيد كبرى كلّيّة للقطع بعدم موضوعيّة الأقربيّة الحاصلة منهما ، بل المناط فيهما هو الأقربيّة بما هي من أيّ سبب
__________________
(١) الكافي ١ : ٦٧ / ١٠. الفقيه ٣ : ٥ / ١٨. الوسائل ٢٧ : ١٠٦ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١.
(٢) غوالي اللآلئ ٤ : ١٣٣ / ٢٢٩.