ترجيح الرواية باعتبار قوّة الدلالة : وهذه الأنواع الثلاثة كلّها متأخّرة عن الترجيح باعتبار قوّة الدلالة ، فإنّ الأقوى دلالة مقدّم على ما كان أصحّ سندا وموافقا للكتاب
____________________________________
والدلالة يوجد في مطلق الأحاديث ، قطعيّة كانت أو ظنيّة نبويّة كانت أو غيرها.
وأمّا الكلام من الجهة الثانية ، فحاصله : إنّه لا إشكال في اختلاف مرتبة المرجّحات من حيث التقديم والتأخير عند اجتماعها واختلافها من حيث وجود بعضها في أحد المتعارضين وبعضها في الآخر إذا اختلفا جنسا ، وإنّما الإشكال والخلاف في أنّ هذه الأنواع هل كلّ واحد منها مرجّح في عرض الآخر ...؟ بحيث لو كان أحد منها لأحد المتعارضين والآخر للآخر يقع التزاحم بينهما ، فلا بدّ وأن يعمل بقواعد باب التزاحم من تقديم أقواهما مناطا ، وإلّا فالتخيير أوّلا ، بل إنّها مرتّبة في مقام الترجيح ، فبعض الأنواع مقدّم على بعض آخر. فها هنا خلافان :
أحدهما : في أنّها مرتّبة أو عرضيّة.
ثانيهما : بعد الفراغ عن أنّها مرتّبة وبعضها مقدّم على بعض آخر ، وقع الخلاف في أنّ المرجّح الجهتي مقدّم على السندي أو العكس ...؟.
ثمّ الظاهر من كلام المصنف قدسسره هو كونها مرتّبة لا عرضيّة ، ثمّ الترجيح بقوة الدلالة يتقدّم على الثلاثة الاخرى ، كما أشار إليه بقوله :
وهذه الأنواع الثلاثة ، أي : المرجّح الداخلي الصدوري والمرجّح الداخلي الجهتي ، والمرجّح المضموني داخليّا كان أو خارجيّا ، فإنّ المرجّحات الخارجيّة كلّها داخلة في المرجّح المضموني كما عرفت.
كلّها متأخّرة عن الترجيح باعتبار قوّة الدلالة ، فإنّ الأقوى دلالة وإن كان موافقا للعامّة مقدّم على ما كان أصحّ سندا ، أي : الرجحان الدلالي مقدّم على الرجحان الصدوري وموافقا للكتاب ، أي : الرجحان الدلالي مقدّم على الرجحان المضموني الخارجي ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.
وملخّص الكلام أنّه لا إشكال بل ولا خلاف عند بعض ، بل الإجماع عليه عند آخر في تقديم الترجيح من حيث الدلالة على سائر المرجّحات على ما هو مقتضى الأخبار أيضا ، كما في بحر الفوائد.