بيان المرجّحات في الدلالة ، ومرجعها إلى ترجيح الأظهر على الظاهر.
____________________________________
وكيف كان ، فلنرجع إلى ما كنّا فيه من بيان المرجّحات في الدلالة ، ومرجعها إلى ترجيح الأظهر على الظاهر.
إذ قد عرفت أنّ تقديم النصّ على الظاهر يكون من باب الحكومة دون الترجيح ، فيكون خارجا عن باب التعارض ، إذ لا تعارض بين الحاكم والمحكوم.
وأمّا الأظهر والظاهر ، فالتعارض فيهما موجود والترجيح للأظهر فيهما بحكم العرف ، فيكون مرجع جميع التراجيح بحسب الدلالة إلى ما ذكره من ترجيح الأظهر على الظاهر.
ثمّ إنّ ما ذكره من اختلاف رجحان أحد الخبرين على الآخر شخصا وصنفا ونوعا ممّا لا إشكال فيه ، وكذا لا إشكال في ترتّبها متنازلا بأن يقدّم الراجح شخصا على الراجح صنفا ونوعا ، وكذا الراجح صنفا على الراجح نوعا ، لكون الأوّل أقوى من الثاني ، والثاني أقوى من الثالث ، وحيث لم يندرج الأوّل تحت قاعدة وضابطة جعلوا الكلام في باب تعارض الأحوال في الآخرين. ولا بدّ مع رجحان أحد الدليلين من ارتكاب خلاف الأصل في الآخر بارتكاب التأويل فيه ، وصرفه عن ظاهره. وحصروا الامور المخالفة للأصل في خمسة :
١ ـ النسخ.
٢ ـ الاضمار.
٣ ـ التخصيص.
٤ ـ التقييد.
٥ ـ التجوّز.
وربّما تضاف إليها امور أخر إلّا أنّها لا تخرج منها ، وما عدا الأخير وإنّ كان من أقسامه في وجه ، إلّا أنّهم أفردوا البحث عن كلّ واحد منه وخصّوه بالذكر لمزيد امتيازه من بين سائر المجازات. ثم إنّه ربّما يدور الأمر بين المتجانسين منها ، بأن دار الأمر بين ارتكاب النسخ في هذا الدليل وذاك الدليل ، وهكذا. وربّما يدور الأمر بين المتخالفين منها ، بأن دار الأمر بين ارتكاب النسخ في هذا الدليل وبين ارتكاب الأربعة الباقية في ذاك الدليل ، وحينئذ يكون التعارض والدوران تارة وحدانيّا ، بأن دار الأمر بين أحدها في أحد الدليلين وواحد من الأربعة الباقية في الآخر ، واخرى ثنائيّا وثالثة ثلاثيّا ، ورابعة رباعيّا ، وخامسة